طافت بي الذاكرة في دهاليز الماضي الموغل في دروب الجمال في معية البعض ممن منحناهم ثقة الصداقة المفرطة ، ممن كانوا يسكنون جوار القلب وخلف أسواره العصية على الكثير غيرهم ممن حاموا حولها ، على عتبات ابواب تلك الأسوار ، وعن حسن نيه أن لم تكن سذاجة وسطحية ، شرّعنا لهم تلك الأبواب ليدلفوا منها إلى القلب وينتقلوا من الجوار إلى العمق!
نعم من الجوار إلى العمق ، هناك داخل القلب بين انقباضاته وإنبساطاته ليكون مقراً لهم ، لأنه خُيل لنا أنهم لا يستحقون منزلة في عالمنا تليق بهم أقل من تلك !
احتفينا بهم أكثر مما يستحقون رفعنا من قيمة أسهمهم إلى مستويات جاذبة للمستثمرين في عالم الصداقة والباحثين في منصات الوفاء ، كنا مزهوون بهم مُفاخِرون بحضورهم بين عالم يموج بالغث والسمين ، منحناهم الكثير من الثقة ، العظيم من الود ، المزيد من الاحترام ، الثمين من الوقت ، الشاق من الجهد ، الوفير من التضحيات القيّمة والتي كنا نبالغ في منحها لهم حد الإغراق دون سواهم وبالمجان دون مقابل!
عشنا في رفقتهم ومعيتهم أحلام تعانق الخيال حتى خُيل لنا انهم عُمّار القلب وحراس الفضيلة يرتحلون اليها في كل أرض حلت بها ، تبادر لنا أنهم من يمدنا بمشاعر الأمن في دهاليز الخوف ، وأنهم المأوى في أرض المنفى!
وفجأة أفقنا من تلك الأحلام على طعنات إصابة الظهر ، استدرنا بألم للخلف لنرى الفاعل ، جُلنا النظر يمنة ويسره فلم نرى ذلك الطاعن ، بحثنا هنا وهناك فلم يقع البصر على من سل رماح الغدر ليعمقها بفاعلية حادة حتى نفذت داخل جدران القلب فأردته ينزف!
وبعد الأفاقة وتحييد العاطفة واستضاءة مصابيح العقل ، كانت الصدمة التي كان وقعها أشد كمداً من ألم تلك الطعنات حين تبين خلف أستار غِشاوة البصر وتحت أضواء البصيرة ، أن من فعل ذلك وبكل أسف هم بعض ممن كانوا يسكنون بداخلنا ممن فتحنا لهم أبواب القلب واحتفينا باستضافتهم بين حنايا الضلوع !
لم نراهم اثناء تلك الاستدارة للبحث عن ممارسي تلك الطعنات الخلفية ، لسبب أننا كنا نخفيهم في سويداء القلب وأننا ستبعدانهم من بين صفوف المتهمين بتلك الغدرات بل لأننا توهمنا ان ظهرانينا محمية بهم ؟
فكانت تلك بدايات للسير تحت ظلال دوامة عدد من التساؤلات التي حلت مكانهم داخل تفكيرنا وصارت ترافقنا في كل زاوية من الزوايا اللتي حاولنا أن نهرب إليها للفكاك من ألم تلك الطعنات.
وبالفعل كان أبسط تلك التساؤلات التي سكنت مكان إقامتهم في عمق داخلنا ، هي لماذا استباحوا مشاعرنا وكيف دخلوا قلوبنا ليسثمروا كل ماقدمناه من أجلهم من حب ووفاء ووداً واحتواء وتضحياتاً واحتفاء ويتحينون الفرص الشاردة قبل الواردة ليعيدوها لنا بضدها ؟
هل أصبحت حسن النوايا بضاعة كاسدة الثمن في هذا الزمن ؟
هل الحب والوفاء والصدق والتضحيات أصبحت أسلحة لقتل صاحبها ؟
أسئلة تتكاثر داخل اعماقي تضيق المساحة لبثها بين ثنايا زاوية مقالة مختصرة تجبرني على إنهاء الكتابة بحكم أن نزف القلب أستباح نزف القلم!!
التعليقات 2
2 pings
زائر
26/11/2018 في 8:08 ص[3] رابط التعليق
ومن عفى واصلح فاجره على الله ، الدنيا فانيه فلذلك من عفى عن من اساء اليه لم يحدد له قيمة الأجر فادخر الله له الأجر في الاخره
(0)
(0)
محمد بن جهز
26/11/2018 في 6:47 م[3] رابط التعليق
سلمت ايها الزائر وطبت وطاب قولك الذي اكتسى بالجمال.
عفونا عنهم ولكن ليتعض البعض قبل ان يقع ، لانقول له كن سئ الظن ولكن نقول له لا تفرط بحسن الظن فالمؤمن كيس فطن ..
شاكر مرورك وحسن تعليقك ..
(0)
(0)