بلا شك أن طبيعة النفس البشرية الخطأ والاختلاف ولولا الخطأ والميل والاختلاف لما عرفت قيمة العدل والتسامح ولما أتضح الحق من الباطل.
(( والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم غيركم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم )) حديث..
الغريب في الأمر والذي يمارسه البعض أن لم يكن الكل في هذا الزمن أنه وعندما يقع الخطأ أو الاختلاف يتم تحويله إلى خلاف يتولد عنه المباغضة والمشاحنة التي ربما تفضي للقطيعة حتى بين الأقرباء !
حيث يتم تحويل الخطأ والاختلاف من طبيعته العادية إلى أداة ووسيلة يستخدمها كلى الطرفين أو أحدهما لنحر الود وقطع أواصر الدم التي كانت رابطاً بينهم ، وكأنه يعترض على إرادة الله التي لم تمنح العصمة لأحد من خلقه سِوا الانبياء ، أما مادونهم فهو بشر عادي يعترية ويحفه الخطأ من كل حدباً وصوب ، ولا يعيبه أن يقع فيه وإنما العيب أن يصر عليه بعد مايتبينه وينافح دونه أو يستغله لذبح الطرف الثاني وبشكل بشع!
من الحكايات الجميلة والتي تنم عن فطرة سوية وقلوب نقية أنه في الماضي عندما كانت القلوب والسرائر عفيفة وزاكية ، قبل ان يعتريها ما اعتراها من شوائب هذا العصر المادي .
أن المتخاصمين أو المتخالفين يذهبون سوية إلى مقامات القضاء للبت في ما اختلفوا فيه وعلى راحلة أو سيارة واحده ، يترافعون أمام القاضي والكل منهم يدلي بحجته وينافح ويدافع عنها دون المساس بشخصية الطرف الأخر ، وعندما ترفع الجلسة يخرجون مع بعض وربما أستضاف أحدهم الآخر في منزله وأكرمه رغم أن الوعي والتعليم لديهم كان في حدوده الدنيا.
بينما اليوم نرى عكس ذلك تماماً رغم ارتفاع معدل الوعي والتعليم بين المتخاصمين و المتخالفين.
والشيء بالشيء يذكر فمن الحقائق اللتي قد يستطرفها البعض ويستغربها رغم حدوثها أن آبائنا وأجدادنا كانت تقع بينهم بعض المشادات والخصومات التي تفضي في نهايتها إلى سيل من الدماء في أول النهار وعندما يفصل بينهم القاضي أو أكبرهم سناً وأحكمهم عدلاً في آخر النهار ، فالكل منهم يعود معتذراً لصاحبه يحتضنه ويتصالح معه وتعود المياه لمجاريها نقية ، وربما تولد عن هذه المعارك والخصومات صداقات مفرطة بالود والصفاء .
كذلك من طرائف القول أن أحد كبار السن قال لي ممازحاً في يوماً ما ( تفاضخوا تصحوا ) فتعجبت من قوله الذي بادرني بتفسيره ليرفع عني ثقل الدهشة والغرابة ، حيث قال لي عندما كنا نتفاضخ لم نعاني من الجلطات والأمراض التي يعانيها هذا الجيل ، لأن دمائنا تتجدد بشكل دوري ونعود إلى بعض بسريرة نقية تاركين خلفنا مسببات الخصام ليومها الذي مضى ولن يعود !
والحقيقة ان سبب ذلك ليس التفاضخ كما يقول وإنما هو صفاء سرائرهم وعدم شحنها بالغل والحسد الذي يبدأ بصاحبه فيهلكه!
جميل جدا هذا النقاء ، وأنا بدوري لن أقول لكم كما قال( تفاضخوا تصحوا ) بل أقول:-
(تصالحوا تصحوا ) لأن صفاء القلب راحته ، وراحة القلب صحة للبدن ، فلم أرى أصح أبدان ممن تميزوا بنقاء السريرة وطيب السجية وهذا مشاهد والكل فينا يُدركه ويلمسه.
انسوا الأخطاء والاختلافات تجاوزوا تسامحوا ولا تجعلوا من ذلك بوابة تقودكم للخلافات والمشاحنات المؤذية للقلوب حقاً فكلنا عما قليل راحلون.
كونوا أتقيا أنقيا ذوي قلوب رقيقة تحلوا بأخلاق نبيكم وطبقوا افعاله فهي مقدمة لتطبيق أقواله ، وتذكروا أن الخطأ والاختلاف طبيعة بشرية أزلية وأن الاعتراف بالخطأ والرجوع للحق قوة وليس ضعف ، وأن العفو سمو أخلاق وشيمة من شيم العظماء .
قال الله تعالى: (وأن تعفوا أقرب للتقوى)، فأكثر الناس عفوًا وصفحًا أشدهم تقوى لله، وأقلهم عفوًا أقساهم قلبًا وأضعفهم إيمانًا.
دمتم في ود ونقاء .
التعليقات 4
4 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
خالد العمري
31/10/2018 في 10:17 ص[3] رابط التعليق
مقال فخم ..
(0)
(0)
زائر
31/10/2018 في 2:28 م[3] رابط التعليق
طرح أصيل لفكر ناضج يزيد من حصافة الكلمة وروعة النقاش
بورك حرفك أخي الكريم
(0)
(0)
زائر
31/10/2018 في 2:25 م[3] رابط التعليق
طرح أصيل لفكر ناضج يزيدمن حصافة الكلمة وروعة النقاش.
بورك حرفك أخي الكريم
(0)
(0)
زائر
31/10/2018 في 2:31 م[3] رابط التعليق
التعليق
(0)
(0)