لم أجد وصفاً لحساسية الوطن أدق من العين وحساسيتها ضد المؤثرات السلبية مهما كانت تفاهاتها !
فالعين أكثر أجزاء الجسم تحسساً بأقل الإصابات تأثيراً عندما تقع عليها ، حتى الشعرة تلطمها وتجعلها تذرف الدمع مغزار وتسم الجسد بكامله وتصيبه با أشد معاناة الحمى ومكابدة السهر .
من ذلك كان اختياري عنوان مقالتي هذه ، وتشبيه الوطن بحساسيته ضد المؤثرات مهما كانت دقتها بالعين.
عزيزي المواطن الواعي لايراودني شك بأنك على علم وإطلاع بما يتعرض له وطنك من هجمة إعلامية شرسة تم تجييش جحافل من الكلاب الضالة والمسعورة والأكثر نباحا والأقذر طباعاً لكي تثيرك وتلفت نظرك لكل حدث مهما كانت بساطته، والهدف من ذلك ليس الإصلاح كما يتبادر لأذهان البعض من السذج ومحدودي الفكري.
بل الهدف من ذلك كله تقويض أركان وطنك وزلزلت كيانه ، فكن على حذر أن تكون طرفاً أو بوقاً لإيصال مايصبوا إليه عدوك بتناقل تلك الصور والأصوات أو الشائعات المغرضة ، ولا تكن سبقاً في إيذائه من حيث تدري ولا تدري.
عزيزي المواطن ، تيقن أن الوطن كالعين في جسدك فحافظ على هذه العين لتنعم بنعمته وتستظل بظله الوارف بدلاً من ان تؤلمه فتكون أنت الضحية للألم والسهر ومكابدة العناء والشقاء بعد أن كنت قرير العين مستمتعاً أمناً مطمئناً .
ما يؤلم العين ويدمي القلب تناقل بعض الصور والإشاعات والمقاطع المفبركة عبر قنوات التواصل الاجتماعي بشتى انواعها والتي أصبحت مرتعاً خصباً للمتربصين والحاقدين . وتواجد بيننا من يتسابق على بثها بكل حماس حتى وأن كانت عن حسن نية ، وفي الغالب هي عن سذاجة عقل وسطحية فكر !
ومما ينكأ الجراح ويصيب العين في مقلتها ويجب الإشارة إليه بكل اليد وليس بالبنان فقط ، تخصص البعض من الموظفين الحكوميين أو العسكريين على حداً سوا بتصوير بعض المخاطبات السرية أو المفبركة وبثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ثم تلقفها من بعض المواطنين وتداولها بشكل مفرط وكأن الفاعل اتى برأس الذئب كما يقولون!
عزيزي المواطن كن على يقضة وعلى وعي ودراية تامة أن ماتنقله حتى وأن كان بحسن نية هو ماده دسمة للأعداء لتسميم الرماح وتصويبها لمقلة عينك ( وطنك ) ليذيقوك وبال أمرك ويخلعوا أوتاد أمنك ويعروا سوئك !
فعندما يصلك خبراً ما عبر أي وسيلة اجتماعية غير رسمية ، أو مقطع أو صورة أو حتى تغريدة مغلفه بالخبث والإشاعة ، أو خطاباً لجهة حكومية ، فقبل أن تنسخ وتلصق لتداولها أو مشاركتها مع الاخرين ، حققها ودققها بفكر ناضج وواعي ومدرك ، وتسأل أمام نفسك هل هناك فائدة تعود على الوطن قبل كل شئ ثم المواطن من تداولها ؟
ان لم يكن ذلك وبنسبة عالية ، فكن قبراً عميقاً لدفنها وأحرص كحرصك على عينك أن لا تترك لها مجالاً بتجاوزك إلى غيرك.
كذلك من المؤسف جداً ان البعض نصب نفسه مكان الجهات الحكومية ذات الاختصاص بصياغة التحذيرات والتنبيهات الكاذبة لبثها بين المواطنين وكأنه وصياً أو متحدثاً إعلامياً عن تلك الجهات مما يقلل من أهمية وشأن تلك الجهات ويصورها بالعجز عن حماية الوطن والمواطن و أنها غير قادرة على ايصال التحذيرات والتنبيهات للمواطن في حالة وجود موجباتها !!
عزيزي المواطن لا تطرف عينك بيدك ولا تكن مطية لعدوك فليس السبق والفخر بنقل مايقلل من قيمة وطنك أو يكشف اسراره.
السبق والفخر هو ان تبادر بنقل مايرفع من قيمتك وقيمة وطنك أولاً وما يغيض عدوك المتربص بك من حيث تعلم أو لا تعلم .
السبق والفخر ان تكون أميناً على أمن وطنك حافظاً لأسراره فوق كل أرض وتحت كل سماء وظرف وان تكون درعاً تتحطم عليه رؤؤس وأسنة أعدائه ..