يجب أن نعرف أن لائحتي الوظائف العامة والخاصة لم تتضمنا تحت أي بند من بنودها "إلزام" النساء بكشف الوجه في أماكن العمل كشرط من شروط التوظيف. بيد أن هذا الشرط قد بات مطية الأهواء في كثير من مقابلات العمل "في القطاع الخاص" دون الاستناد إلى أي نص نظامي يخول للمنشأة اشتراط هذا الطلب. وقد قوبلت الكثير من الفتيات "برفض" توظيفهن لا لشيء، إنما لاعتراضهن على قبول شرط كشف الوجه.

ويقودنا هذا الى التأكيد على أن مراكز اتخاذ القرار المتمثلة في "إدارات الموارد البشرية" في القطاع الخاص بعيدة عن الامتثال لأساسيات الموارد البشرية. فعلاوةً على عدم ورود نصوص قانونية تُلزِم الفتيات بكشف وجوههن أثناء العمل وبالتالي كشرط وظيفي، نجد مخالفة صريحة لهذه اللوائح، أضف الى ذلك أن عمليات التوظيف لابد أن تخضع في معاييرها "للثقافة السائدة" وتعيرها اهتماماً بالغاً.

وتغطية الوجه يُعَد أحد الثقافات المحلية السائدة، ومن الواجب وضع هذا المعيار في الحسبان أثناء عمليات التوظيف (كإجراء نظامي وإتباع لعُرف الموارد البشرية التي تؤمن أن الثقافات والعادات جزءاً لا يتجزأ منها). أما مسألة أن يٌقصى هذا المعيار اختيارياً تبعاً لمزاج مدير التوظيف أو مجاراةً لسياسة المنشأة، فهذا إجراء غير نظامي ولا تقره لوائح العمل السعودية الصادرة بالمرسوم الملكي. صحيح أن السياسات الداخلية للمنشآت يجب أن تُتَبع، لكن بما لا يخالف سياسات التنظيم العمالي.

وتجدر الإشارة الى أن "رفض" توظيف الفتيات اللاتي لا يرغبن بكشف وجوههن، يأتي كاشتراط (غير مباشر) ومن قِبل المسؤول/ة عن التوظيف، وهو لا يُكتَب عادةً في طلبات التوظيف التي تعلن عنها بعض الشركات، إلا أنه يُمَارس أثناء المقابلات الشخصية.

ليس هناك من أدنى حق أن تشترط الشركات معايير تخالف النصوص النظامية، أو أن تختلق لها ما يلائمها طالما أن هناك لائحة عامة تسري أنظمتها على الجميع. وبما أن هذه الاشتراطات قد باتت تُمارس دون اكتراث وبمخالفة واضحة وصريحة، فيجب أن تؤكد الجهة التشريعية لدينا (وزارة العمل) أن الثقافة السائدة أياً كانت ينبغي أن تُراعى، وأن تُفرَض العقوبات على المخالفين.

وكشف الوجه في أماكن العمل ليس خاضعاً للميول الشخصية وأهواء المدراء أو حتى قيَم الشركات، وهو لا يزال تحت إمرة النصوص القانونية التي تكفل للفتيات حق التوظيف دون إلزامهن بإسقاط هذا الحق طالما رغبنَ به