الشهرة ظاهرة قديمة عرفها الناس على توالي الأجيال. وهي كما لا يخفى تطلق على الشخص المعروف لدى الناس والذي يتميز بشهرة واسعة على نطاق محلي أو عالمي، وتتداول شأنه وسائل الإعلام ويحيز على إهتمام كثير من الناس. والناس لا يختلفون قديماً أو حديثاً في إعتباراتهم للمشاهير، فالمشهور هو محط أنظار الناس غالباً في كل عصر. وهم بذلك يتفوقون على عامة الناس في تأثيرهم على الجماهير. لكن درجة التأثير هذه قد اختلفت عند المشهور في هذا العصر عن المشهور في الأجيال القديمة، بفضل سهولة وصول الناس إليهم من خلال وسائل التواصل والإعلام. وبذلك صارت وتيرة التأثر بهم أسرع من قبل.
ويزخر مجتمعنا المحلي كما هو الشأن في المجتمعات الأخرى بمجموعة من المشاهير لا نعلم على وجه الدقة مدى إنتفاع المجتمع بهم. الذي نعلمه هو أنهم شخصيات يحلو لهم حب الظهور ونقل يومياتهم منذ صباحهم الباكر إلى أن يستلقوا على فراشهم آخر الليل. وحتى نكون منصفين، هناك قِلة منهم تكاد لا تذكر، قد استغلوا هذه الشهرة في أهداف سامية وتقديم خدمة للمجتمع. لكن قبل أن نلقي باللائمة على المشاهير، علينا أن نعلم أنه ليس ثمة نظام أو قانون يلزم هؤلاء بخدمة المجتمع. وقد يصح القول إذن أن ضمير المشهور هو ما يحركه لخدمة مجتمعه.
وفي مجتمعنا هذا نكاد لانستطيع حصر عدد هؤلاء المشاهير لكثرة الوسائل والتطبيقات التي يخرجون لنامنها. خذ على سبيل المثال برنامج سناب تشات، فهذا البرنامج وحده يكاد يتقيأ من كثرة مستخدميه من المشاهير، لكن ماذا قدم هؤلاء في سبيل إصلاح المفاهيم العامة المغلوطة، أو إثراء الجوانب الثقافية، أو إحياء العلوم النافعة التي دثرها الزمان، أو في تسليط الضوء على السلوكيات السلبية في المجتمع أو المساهمة في حل مشكلاته؟
الواقع أن المشهور (الفارغ) قد ابتلي به المجتع وأصبح عالةً عليه. فلا المجتمع استطاع الفكاك منه، ولا هو في مقدوره أن يتخلى عن هذه المنزلة ولو كانت عبئاً على غيره. وأكثرهم يعلم يقيناً أنه قليل القيمة من الناحية الإجتماعية، لكنه يعلم كذلك أنه سوف يخسر إذا لم يُطِل على جماهيره صباح مساء ليحافظ على ظهوره خشية أن يفقد متابعتهم له. ومن هنا تنشأ المشكلة، فالمشهور حريص على الظهور مهما كلف الأمر، وبذلك لا يجد ما يقدمه لجماهيره في سبيل المحافظة عليهم سوى أموراً أقل ما يقال أنها تفاهات يومياته، وكأنه يشغل أوقات فراغه لإشغال أوقاتهم. وهناك صنف آخر وجد حلاوة التزلف والظهور بمظهر الثراء الإصطناعي وقد خلق هؤلاء لأنفسهم هالة من النور حتى أصبح الكثير من متابعيهم يؤمن بحقيقة تلك الثروات. هذا ولكن أغلبهم في الواقع دون ذلك، وهم يشقون على أنفسهم ويكلفونها فوق طاقتها لتوفير أحدث المظاهر والأزياء لإيهام متابعيهم أنهم من أصحاب الثراء، حتى يميزوا بينهم وبين عامة الناس. ولكن يبقى كل ذلك شأنهم وليس لأحد الحق في الإعتراض عليهم.
إنما الوضع الذي نأمله هو أن يُحسِن هؤلاء المشاهير استخدام الوسائل التي يطلون منها إلينا. فنحن لا ننتفع بنوع الملابس التي يرتدونها ولا بأصناف المأكولات التي يتناولونها، ولا حتى بالكيفية التي يقضون بها حياتهم. إننا بالأحرى نطالبهم بأن يستشعروا قيمة المجتمع، وأن يساهموا في حل مشاكله ومعالجة قضاياه ولو بالجهد اليسير. فهم من هذا المجتمع وإليه.
التعليقات 3
3 pings
زائر
28/07/2018 في 1:25 ص[3] رابط التعليق
احسنت يا أبا ريان.. مقال جميل ابدعت كعادتك
(0)
(0)
زائر
28/07/2018 في 3:35 ص[3] رابط التعليق
برافو عليك … مقال جميل جدا ??
(0)
(0)
زائر
28/07/2018 في 3:36 ص[3] رابط التعليق
صدقت وابدعت
(0)
(0)