يعيش بعض الناس في عقلية يا أبيض أو يا أسود ، أي أنهم ينظرون إلى الأمور وإلى الأشخاص على أنهم إما ملائكة منزهين عن الأخطاء أو شياطين لا يعرفون إلا الشر ، وهذه عقلية تخالف الفطرة السليمة ، فكل إنسان لديه جانب أبيض وإيجابي ومنير وفي نفس الوقت لديه جانب أسود وسلبي ومظلم ، بل وللأسف البعض يصنف نفسه إما أنه في معسكر الخير المطلق ، أو في معسكر الشر المطلق .
فأذكر قبل سنوات انني كنت في جلسة عصرية مع شباب ، وعند آذان المغرب قمنا جميعاً للذهاب إلى المسجد بإستثناء واحد من الشباب ، فسألناه لماذا لا تذهب للصلاة ؟ فرد علينا وذكر أنه يرتكب المعاصي والذنوب ولماذا بعد يذهب للصلاة ؟ فردينا عليه وقلنا له ربما إن استمريت على الصلاة يغفر الله جميع ذنوبك بلا حساب أو على الأقل يخفف الله عن كثير من ذنوبك بإذنه ، وأيضاً بإلتزامك على الصلاة سوف تتجنب أكبر الذنوب وهو ترك الصلاة. فأجاب وقال لنا : يا تكون أبيض أو يا تكون أسود.
فذهبنا نحن للصلاة وهو مصر على عدم الصلاة فهذا الإنسان للأسف مترسخ فيه عقلية يا أبيض أو يا أسود ، ولو نظر هو إلى نفسه لوجد أنه يتمتع بصفات إيجابية ، ولكن شعوره أنه ينتمي لمعسكر الشر وأنه لا يجوز الخروج عن هذا المعسكر الأسود ، هذا هو الشعور الذي جعله يصر على ترك الصلاة، فلابد للإنسان أن ينظر إلى نفسه وإلى جميع البشر بعقلية متزنة ومن جميع الزوايا وعلى أنهم يصيبون ويخطئون وأن لديهم جانب إيجابي ومنير وأبيض وفي نفس الوقت لديهم جانب سلبي ومظلم وأسود ، فالنبي محمد (ﷺ) كانت عقليته متزنه وينظر إلى الأمور من زواياها المختلفة ، فقال (ﷺ) : (إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر) ويتضح معنى هذا الحديث في قول الإمام أحمد بن حنبل لما سُأل أيهما يكون أميراً في الغزو ، القوي الفاجر أم الصالح الضعيف ، فقال الإمام أحمد بن حنبل : (أما الفاجر القوي فقوته للمسلمين وفجوره على نفسه ، وأما الصالح الضعيف فصلاحه لنفسه وضعفه على المسلمين ، فيغزى مع القوي الفاجر) وكذلك الله سبحانه وتعالى يقول في القرآن الكريم : (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ) فالله سبحانه وتعالى يحثنا هنا أن نعدل مع من نعاديه ، فالعدل هنا في كل شئ ، ومن ضمنها أن نعدل في النظر للأمور الإيجابية والأمور السلبيه ، فعلينا أن ننظر للأمور وللناس نظرة عادلة وأن لا نظلمهم إذا ظهر لنا منهم شئ سيئ ونعتبرهم شياطين ، بل ربما يكون الشخص الذي تنظر إليه أنه شيطان ربما يكون عند الله خير منك ، فلا يعلم الغيب إلا الله ، وكذلك أن لا ننظر لبعض الناس على أنهم ملائكة منزهين عن الأخطاء ، فربما يكون من تنظر إليه أنه من الملائكة المعصومين ربما يكون عند الله أقل بكثير من بعض من تنظر إليهم أنهم من الشياطين ، فلا يعلم الغيب إلا الله ، وكذلك غير المسلمين الذين لا يؤمنون بالإسلام ، يوجد منهم من هم متقدمين على المسلمين في العلم والحداثة والأنظمة .
فلابد لنا أن ننظر للأمور وللبشر على أنه يوجد فيهم جانب إيجابي ومشرق وأبيض ومنير ونحاول أن نستفيد منه ونزيده فينا ، وفي نفس الوقت يوجد فيهم جانب سلبي وأسود ومظلم وخاطئ ونحاول أن لا نتأثر به أو على الأقل نخفف من ظلمته فينا ، فكلنا كالقمر فينا جانب إيجابي ومنير وأبيض وجانب سلبي وأسود ومظلم.
alkanackanac@gmail.com
التعليقات 4
4 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
زائر
28/07/2018 في 1:03 م[3] رابط التعليق
التعليق
(0)
(0)
كلام موزون تشكر عليه
28/07/2018 في 1:06 م[3] رابط التعليق
كلام جميل
تشكر عليه
(0)
(0)
زائر
28/07/2018 في 4:11 م[3] رابط التعليق
كلام جميل جدا
كل التوفيق لك ولقلمك الانيق
(0)
(0)
زائر
28/07/2018 في 4:25 م[3] رابط التعليق
مقال جميييل وفي قمة الرووووعه
(0)
(0)