لا زال هناك متسع لبقايا العيد
لا زالت الحلوى متناثرة والبالونات معلقة
لا زالت نكهة العيد عالقة بالأجواء
وعبارات التهنئة التي تجول مع هذه التهاني لأمكنة تتخطى بها الحدود عبر الأثير
عيد الفطر السعيد هذا الضيف السريع الكريم الذي يحل علينا بعد صيام شهر رمضان الكريم ويأتي في أول يوم من شوال له ميزاته وتقاليده وأجوائه الخاصة والمختلفة حسب البلد والمكان والزمان فكل منا له عاداته وطقوسه التي ورثها من بيئته وأهله وبيته فكل منا يأخذ عادة بيته وتكون مختلفة من بيت لآخر فمنا من يستحدثها للحديث ومنا من يجمعها بالتراث الماضي ومنا من يستقل بقديمه ويطوره بزينة مختلفة حسب ذوقه إنما رمضان واحد والعيد واحد والعقيدة واحدة وهي التي إتفق الجميع عليها وهي الصيام والقيام في رمضان وعاداته الإستشعارية الإيمانية والروحانية الجميلة ومنها إخراج للزكاة عن الأفراد والأموال وهذه واجبات دينية وليست تقاليد وهي واحدة موحدة حسب نصوصها الدينية وكتاب الله وسنة رسوله وبعده يأتي العيد والصلاة .
العيد هو مصدر السعادة التي وهبنا إياها الله سبحانه وتعالى ليخفف ألام الحياة ومتاعبها وأحزانها ويشعرنا أنه هناك يسرٌ وفرح , فبمجرد قدومه يبعث الفرح والبهجة والسرور علىنا وعلى أهالينا ويبدء كل منا بتزيين عروسه أي بيته وتحضير أشياء العيد من لباس وزينة وحلوى وكل حسب إستطاعته وعلى طريقته في مدننا في البحر الأبيض المتوسط والدول العربية والخليج .
فتمهيداً للعيد بشراء الأثواب الجديدة وتزاحم الأسواق بالعوائل وكذلك عطف الناس على الفقير والتراحم بينهم ومواساتهم للأيتام وكذلك فإن في العيد تصفية للقلوب وتصافيا في النفوس والتأسف على ليالي السهر الرمضانية الجميلة التي ترحل بسرعة .
وللعيد فرحته التي ترتسم على وجوه الأطفال من خلال ضحكاتهم وصيحاتهم وثيابهم الجميلة ويتجلى ذلك في الأحياء الشعبية للمدينة وحاراتها القديمة حيث لا تزال العيدية أي إعطاء الصغار مبلغ رمزي من المال يعطيها لهم أقرب الأقارب كالأب والجد والعم فهي لها معنى كبير لديهم ويشعرون بها بالإستقلالية لشراء ما يحبون فهي تؤمن فسحة للأطفال باللعب بالمراجيح أو الذهاب إلى الملاهي التي يأخذهم عليها الأهل وذلك بعد أن يقوموا بزياراتهم التي يسعدون بها الأطفال قبل الكبار وهم يجمعون العيدية ..
ومن الأشياء التي يجمعونها ايضاً الهدايا والحلوى التي يحرم منها الصغار والكبار وفي العيد يأخذونها من غير رقيب ولا حسيب .
وبعد الزيارة يأخذ الأهل الأولاد إلى المنتزهات او أماكن اللعب ويلعبون وينشدون الكلمات الشعبية المتوارثة والتي يصدح بها الأطفال لتملأ ضحكاتهم الأحياء وفي لبنان بلدي خاصة هناك أغنية متوارثة دائماً نسمعها ” يا ولاد أبو شرشوبة …يويو…عيشة المخطوبة…يويو… يا من خطبها شنشل ذهبها ..يويو...” وغيرها من الأغاني والصيحات التي ترسم الفرح في نفوس الأطفال.
ومن بعدها الذهاب إلى المولات وإلى المطاعم والمقاهي إضافة إلى الملاهي ومهرجانات العيد والتي تشكل فسحة للأهالي والأطفال للمرح والتلاقي وتناول الأطعمة على أنواعها بأسعار تناسب مختلف شرائح المجتمع.
وكل منطقة تتميز بما يحيط بها إن كانت ساحل أو جبل فالساحل بكورنيشه البحري والنزهات والجبل أيضاً بمنتزاهته وكرومه وحدائقه وكل في بلده يعمل بعاداته وميسراته المادية كل حسب وضعه فهذا هو العيد بإختصار.
ولا زال العالم العربي بأجمعه محافظاً على عاداته عبر الزيارات العائلية والأقارب والجيران والأصدقاء، وعلى تناول الأطعمة التقليدية ، فهذا هو العيد الفرحة المنتظرة والكثير يردد *"يارب إجعلنا من المقبولين والمغفور لهم " يوم يقال .{ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ} , وذلك يوم الفرحة العظمى لا شقاء معها ولا شقاء بعدها ...فرحة خالدة هي لا إنقضاء لها ويبقى أن نقول كما قال علماء أمتنا (ليس العيد بلبس الجديد إنما العيد من طاعاته تزيد).
ولا بد لمناسبة رمضان والعيد وعيد الحج أي العيد الكبير الذي تحتفي به الأمة الإسلامية أن يوحد كلمة الله بالتكبير والتهليل وتوحيد الصفوف والمحبة وينبذ الحروب والفتن.
هو العيد يأتينا فينسينا الجراح ويلهينا عن المصاب العظيم ويرسم الأحلام والأماني بلقاء جميل وتعود طيورنا المهاجرة لأعشاشها ويعود إلينا الأمل الدفين وفي العيد تزهر وتثمر الكلمات وتدفن الجراح والمأسي , فما العيد إلا هدية الرحمن وإبتسامة ونشيد وأمل جديد و عطر وورد ولحن فريد ورحمة الله فينا يولد فينا الأمل من جديد.