في الوقت الذي عجت المجمعات و المقاهي و ملاعب الطائرة و تجمعات الشباب بالمستريحين المسترخين المستمتعين بليالي الشهر الفضيل ، نجد على الطرف الأخر شباب مستمتعين لكنهم ليسوا مستريحين ولا مسترخين ومع ذلك متلذذين " تلذ له المروءة وهي تؤذي… ومن يعشق يلذ له الغرام " شباب عشقوا ما يعلمون مع مافيه من مشقة وإرهاق ، بل من أجله استقطعوا و تنازلوا طواعية و حبًا وكرامةً عن جزء من أوقاتهم وراحتهم لماهو أعظم ، وأجدى ، وأنفع و أفضل ، " وأفضل الناس بين الورى رجل…
تُقضى على يده للناس حاجات" ولا عجب فإن النفوس العظيمة ، لن تركن للراحة و لن تثنيها عن مبتغاها الملذات و العراقيل و الحواجز مهما كبرت فـ " إذا كانت النفوس عظام…تعبت في مرادها الأجسام " إنهم متطوعو و متطوعات الحرمين الشريفين الذين نذروا أنفسهم لخدمة ضيوف الرحمن ، من معتمرين و زوار ، و نالوا هذا الشرف الذي زاده شرفًا شرف المكان و الزمان ، نور على نور على نور ، هذا الشرف الذي كانت تتسابق وتتقاتل عليه العرب في الجاهلية للظفر به ، ثم جاء الإسلام بعظمته و سماحته وحث عليه ورتب الأجر على ذلك؛ إن كان خالصًا لوجه الله .
متطوعون لا يرجون من ذلك جزاء ولا شكورا إلا رضا المعبود، و إن كانوا يستحقون مكافئات فهي لا تقلل من جهودهم و لا تُنْقص من عظم ما يقومون به ، ولا تؤثر على نبل أخلاقهم و رقي مقصدهم .
شعلة من النشاط ، فهذا يرشد حاجًا ، وآخر يساعد كبيرًا ، وذاك يشرف على الإطعام ، ومتطوع بالمجال الصحي ، وآخر مع الدفاع المدني ، وغيرها من المجالات التطوعية، كل هذا في تناغم تام و تنسيق رائع مع الجهات الحكومية بل وجدنا الاب و ابنه ، والأخ وإخوته ، الاستاذ الجامعي و طلابه .
الله اكبر ، الله اكبر ، تحية من القلب لهؤلاء، و لكل متطوع ، فمن حقهم علينا تقديرا وتحفيزه و تشجيعا لهم أن نقدم لهم الشكر و إن كانت تَقْصر الأحرف و تعجز الكلمات عن عبارات الشكر والثناء ، ولهم منا الدعاء فـ" جزاهم الله خيرا وبارك في أنفسهم و أوقاتهم و اعمارهم و أعمالهم ".