﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ الحمد لله رب العالمين، الذي جعَل لنا مواسمَ للطاعات تتضاعَف فيه الحسنات، نتدارَك فيها غفلةَ شهورٍ مضَت، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وإمام المرسلين، ونشهَد أنه ما ترَك خيرًا إلا أرشَدنا إليه، ولا شرًّا إلا حذَّرنا منه، صلى الله عليه وسلم وعلى صحابته وآله، ومَن تبِعه بإحسان إلى يوم الدين.
.
إخوتي المسلمون، هذا شهرُنا قد بدأ في التناقص، ها هو موسمٌ فلا حكمَ ينسل من بين أيدينا.
ألم نعاهد الله أن نريه خيرًا من أنفسنا في شهرٍ امتنَّ به علينا، في شهر أعطانا ربُّنا فيه مِن المِننِ والخِصال ما يَغسِل غفلةَ شهورٍ مضت، ألم نعقد النيَّة والعزمَ على عدم التفريط في هذه النعمة؟!
فما بالُنا؟! ماذا نفعل؟! وبِمَ نفرط؟! هل استشعرنا نعمةَ الله عز وجل علينا أن أَمَدَّ في أعمارنا، وبلَّغنا هذا الشهر المبارك، وغيرُنا تحت التراب، لو كان للموتى أُمنية، فستكون العودةَ للدنيا لساعة أو لبعض ساعةٍ، ولكن ليستْ للهو ولا لقيلٍ وقال، ومتابعة ما يهم وما لا يهم، بل لسجدةٍ وتسبيحةٍ، وطاعةٍ لله، لعلها تكون فيها النجاة!
.
فلنحمَد الله عز وجل أيها الكرام على هذه النعمة العظيمة أن بلَّغنا رمضانَ آخرَ، نستطيع بِحُسن استغلاله في طاعة الله أن نَسعَدَ سعادة لا شقاءَ بعدها، وأي شقاء إن فُزنا بالعتق مِن النيران الذي وعَدنا الله به في كل ليلة من ليالي رمضان، واللهِ إنها لخسارة - وأي خسارة؟ - أن نَخرُجَ من هذا الشهر المبارك ولم نَفُزْ بهذا الفضل العظيم!
.
ولنجعل رمضان وما تبقَّى فيه من أيام وساعات مليئًا بكل عملٍ صالح وساعتنا مليئة بكل طاعة وقُربة تسرنا رؤيتُها في صحيفة أعمالنا يوم لا ينفعُ مالٌ ولا بنون!
.
فلنستغل مِنةَ الله عز وجل ورحمته بمضاعفة الحسنات في هذه الأيام المباركة.. رمضان الماضي والذي قبله والذي قبله، كم فرَّطنا وندِمنا، ولكنه طول الأمل، فما زِلنا نفرِّط وننسى أنه قد يكون آخر رمضان، كم ممن كانوا معنا رمضان الماضي ولكن غابوا، سبقونا إلى دارٍ كلنا لها زائرون، فلن ينجوَ منها أحدٌ، وما يُدرينا: هل سيأتي رمضان القادم ونحن هنا أو هناك؟!
.
بِالأَمسِ القَرِيبِ دَخَلَ شَهرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ، وَكَنا متشوقين لِبُلُوغِهِ، وَكَانَت نفوسنا في لَهفَةٍ شَدِيدَةٍ لإِدرَاكِهِ، ثُمَّ هَا هُوَ اليَومَ قَد مَضَى نِصفه عَلَى عَجَلٍ..
.
ها هي فرصة أخرى من عُمرنا جميعاً، فنحن مقبلون من العشر الأواخر و«ليلة القدر» على الأبواب، فربما تكون في إحدى أيام العشر الأواخر، ولا بد أن نتحراها فالدعاء مستجاب
.
الأيام تتسارع والأعوام تتوالى والليالي تتعاقب والساعات تنقضي والأزمان تنتهي ، تشدنا إلى الله شدا " يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه " السلطان يزول والجاه لا يدوم، المال يفني والعز لا يبقى، " كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام " الرحمن.
.
فلنخطِّط من الآن لما تبقَّى من أيام الشهر، وكأننا لن نراه مرةً أخرى، ولنطْرَح عن أنفسنا التسويف والغَفلة وطولَ الأمل، فما يُدرينا لعله آخر رمضان!
.
يا رب إن مدَدتَ في أعمارنا فثبِّتنا على الطاعات، وإن كان آخر رمضان في أعمارنا، فاختِمه لنا بالقبول والخيرات.
التعليقات 4
4 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
احمد الدوسري
06/06/2018 في 3:14 م[3] رابط التعليق
من اجمل ما قرأت جزاك الله الجنة
(0)
(0)
سامي علي
06/06/2018 في 3:20 م[3] رابط التعليق
من اجمل ما قرأت
(0)
(0)
أحمد العراقي
29/08/2018 في 9:08 م[3] رابط التعليق
حفظك الله اخي انس القاسم وبارك الله فيك
(0)
(0)
أحمد العراقي
29/08/2018 في 9:08 م[3] رابط التعليق
مشتاقين لمقالاتك الجميلة اخ انس القاسم
(0)
(0)