الأرض جميلة الأرض طوال تاريخها قبل أن يطغى إنسان العصر الحديث، كل يعيش في وئام في بيئة صحية. رجل، أشجار، حشرات، حيوانات برية، نهر، بحر، شمس، قمر، نجوم عاشوا في جو ودي، يتفاعلون مع بعضهم البعض، يستمتعون مع بعضهم البعض.
لقد لعبت البيئة دورًا مهمًا للغاية في توفير كل من الهواء النقي والماء والفواكه الطبيعية والطعام. انهم لا يؤذي بعضهم البعض. الأشجار الخضراء الجميلة، والأراضي الخضراء، والغابات الكثيفة، والجبال الطويلة والباردة، وسماء جميلة، والمياه العذبة بالأنهار، ومياه البحار المالحة، والطيور أغنية شجي، هدير الحيوانات البرية، واو ما الجنة على الأرض. عندما يتغير الموسم، تأتي الطيور الجميلة من أماكن مختلفة، يذهب الرجل ويرى. تبدو الأرض الأم جميلة جداً مع جميع أبنائها.
ولكن فجأة يحدث شيء ما، والشمس حارة جداً، ولا يمكن لأحد أن يتحمل طيور تموت، ونورين. شح الماء لشرب الأطفال لا يوجد أي هواء نقي ليتنفس أي طعام خالص لماذا؟ الأرض الأم أصبحت نشاط لإنسان غاضب ضد نتائج الأرض الأم هو الاحتباس الحراري.
من عصر الحجارة إلى العصر الحديث، لا ينتهي الإنسان أبداً في البحث عن رعايته وسعادته. بحثًا عن وسائل الراحة في حياته، ولكن نسي الإنسان وتجاهل عواقب التلوث والتدهور البيئي الناجم عن الأنشطة ضد الطبيعة. تُرى ماذا حدث؟ حدث أن تصحرت نفسه هو بطغىانه على الأرض الأم.
وأذهب إلى ما ذهب إليه (ماجد رحيم) عندما قال: أن التصحر النفسي كمفهوم في العلوم الإنسانية والنفسية قد لا يكون له وجود اصطلاحي في الكتابات النفسية والاجتماعية. وتجاوزاً مني طرقت ذلك المصطلح لما أشاهده من نشوء ظواهر نفسية شديدة الأسى تتمثل في جفاف التعاملات من بني البشر. وإن تداخل المصطلحات واستعارتها في هذا المضمار يعد أمرا مقبول ويعد أيضاً أمرا مجازيا. فإذا كان البعض يعتقد أن التصحر يعني بيئة قاحلة أو حالة من الجفاف التي يجعل الناظر إليها للمرة الاولى يعتقد استحالة جعلها بيئة منتجة صالحة للعطاء الا بعد بذل الكم الهائل من الجهود المضنية.
إلا أنني أرى الإشارة الإلهية المعجزة في كتاب الله الكريم وصفت تلك النفوس المجدبة القاحلة في آية من سورة البقرة ) ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) ( البقرة: 74) ، وأن عطاءات الحجارة أفضل من تلك النفوس المتوحشة ، فمن الحجارة ما يتشقق ويخرج منها الماء وهو أصل الحياة )وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (من الآية:30:الأنبياء. نعم الماء هو أصل الحياة على وجه الأرض، حياة الإنسان، وحياة الحيوان، وحياة النبات، قوامها الماء، فالماء هو الوسيط الوحيد الذي يحمل الأملاح، والمواد الغذائية منحلةً فيه إلى الكائن الحي، ولولا الماء لما كان على وجه الأرض حياة.
. والشواهد اليومية لما حولنا من حصاد للأرواح البشرية بالأيادي البشرية والتوحش الإنساني وما وصل إليه من عنف حيث تطالعنا الوسائل الإعلامية على اختلافها بالكثير من الأخبار المفجعة التي توضح مدى ما وصلت إليه النفس البشرية التي جبلت على الرحمة من تصحر وجفاف. فالإنسان ضالع في خلق ذلك الجفاف الذي زحف إلى روحه ووجدانه ،مما أوجد حالة التصحر الوجداني التي لزمها في الوجود جواً ملائماً لتكاثف الحرائق النفسية والقضاء على مواردها الوجدانية فنرى ما نراه من قتل لأنفس ضعيفة لا تملك القدرة للدفاع عن نفسها،ويتم تشريدها من أوطانها وتتقطع الرحم بينها ،وتتشتت الأسرة الواحدة بين بلدان العالم ، وآخرون يموتون جوعا هناك في بلاد قل فيها ماء الحياة فنجد أطفال بلا مأوى حفاة عراة والضمير الإنساني يتشدق بحقوق الإنسان، يا له من ضمير مشوه لا يرى حقوق الإنسان إلا في شعوب تملك إرادتها وقرارها. الأمثلة حولنا كثيرة ولست في حاجة لرصدها وإنما أشير فقط إلى مناطق بعينها والقاريء الحصيف يجتهد ويقرأ عن الإنسان في أفريقيا، ومينمار (بورما) وسوريا، واليمن والعراق ومناطق أخرى في بلدان العالم الثالث فقط التي تتلاعب بها شعوب الغرب المتقدم وحكومتها الفاسدة.
وإذا كان التصحر البيئي والطبيعي مشكلة الكثير من دول العالم فإن تصحر النفس البشرية يعتبر مشكلة أعظم لما يعمله ذلك الإنسان المجدب وجدانياً بالنفوس الإنسانية والبيئة الطبيعية، وإذا نظرنا إلى أسباب ذلك نجد إنها تعود إلى كثير من العوامل في مقدمتها أن أصحابها قد ابتعدوا عن صحيح الإيمان بالله تبارك وتعالى، ونسوا الحكمة الإلهية من خلقهم وهي خلافة الله في الأرض ليعمروها بالخير ، وقد نادى ربنا عز وجل في يقولون أنهم مؤمنون بقوله الكريم)أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ( (الحديد: 16)
تُرى أن الأمد قد طال بهؤلاء الذين يعيثون في الأرض فساداً فقست قلوبهم، نعم قست قلوبهم ومعظمهم يشار إليهم بأنهم فاسقون فاسدون مفسدون...والواقع العالمي لا يكذب ولا يتجمل وإنما ينضح بمزيد من التصحر النفسي والجدب الروحي والوجدان المعطوب. لتئن الإنسانية من ويلات الحروب التي تدق بناقوس الخطر على الأبواب...سلم يارب سلم.
وللتصحر النفسي صور أخرى نلتقي معها في المقال القادم بإذن الله تعالى.
د. رضا محمد عريضة.
أستاذ علم النفس الاجتماعي
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التعليقات 1
1 pings
زائر
31/05/2018 في 10:42 ص[3] رابط التعليق
التعليق
(0)
(0)