بفضل الله قصة النجاح هذه قد عاشها أخي الأستاذ/ خالد سليمان المشيقح بصبر واحتساب ونحسبه كذلك آخذا على عاتقه قول الله تعالى في الآية الكريمة:(وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ). ومحتسبا لا يشكو لغير ربه كما جاء في قول الله تعالى: (قال إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ .....) هكذا عاش اخي خالد ايام الابتلاء واناس مثله عملوا بذلك ففرج الله عنهم كربهم واعانهم على خير مما تمنوا و قد رضو بقدر الله فجعل الله لهم من بعد هم فرج و جعل الله لهم بعد العسر يسرا بحسن ظنهم بالواحد الأحد المعين.
قصة الأخ خالد شاهدناها بل عشناها معه على مر أكثر من عقدين بأحداثها الصعبة و المريرة في قلب صاحبها و تجرعنا معه مرارة الألم والحرقة على حال فلذات الاكباد اللذان ولدا دون إبصار فلا يريان ما حولهما بعينيهما ولا يتعاملان إلا بملموس و مسموع ومحسوس فكان خالد وزوجته وابنائه المبصرين بارك الله فيهم بعد أن حل عليهما الضيفين الكفيفين في حياتهم قد اضفيا على المنزل تغييرات فهؤلاء المواليد حالتهم البصرية غيرت كل تنظيمات الحياة في البيت ففي المنزل بداءا من تصرفاتهم كلهم واوجبت عليهم التعديل و التغيير في معظم نمط العيش وابدلت ترتيبات أولويات حياتهم و ازالت معظم موجودات المنزل القابلة للكسر والمتحركة وأن كانت تعطي جمالا خوفا من أن يتعثر فيها الكفيف واغلقت ابوابا كانت مفتوحة في السابق كي لا يتعرض المكفوفين لخطر محتوياتها كذلك أحكم باب المنزل خوفا عليهما من الخروج وبثت رسالة شرح وتعليم لأطفال الأقارب الذين بسنهم كيف يتعاملون معهما وتم انتقاء الكلمات التي لا تخدش شعورهما و استعملت الإشارة باليد كي لا يشعران بنقص كإشارة اتركه يقول دعه يتحرك راقبه عن بعد لا تمنعه منها خذه لما يريد و ابعد من ذلك.نعم كان المحيطون بالكفيفين قد وصلوا إلى ابعاد المعوقات و كذلك تحسيسهم بوجود الآخرين وكان الأمثل من ذلك كل جعلهم يلمسون الأشياء التي لا يمكن شرحها بالقول كي يتعرفون عليها.
الكفيفان بعد أن بدءا الفهم صار لديهم نوعا من التماشي مع الواقع الجديد وقام الابوان بإحضار ما يجب أن يوفرانه لأبنائهم المكفوفين من مشرب و ملبس واهمها وسائل تعليمهم وترفيههم وما يناسبهم لفهم الواقع حولهم بلا استنقاص من أحد أو شفقة لا تخدم الطفلين في مستقبلهما؛ ولكن خالد لم يقتنع بأن عمله هذا سيؤدي الغرض في خدمة أبنائه لأن أمرهم كله كان اجتهاد بلا منهجية علمية واستبصار في المستقبل.
من هنا وبكرم الله و توفيقه طرح ربنا في قلب أخي إلهاما بدأت معه قصة نجاح
التفت الأستاذ خالد المشيقح يمنة و يسرة لحل المشكلة و معالجة الوضع الصعب الذي يعانون منه ابنيه مكفوفي البصر وتحمل هو وأمهم وأهل بيته هماً فأمهما التي تود لو ان بإمكانها منح أبنائها كل واحد منهما عينا من عينيها ليروا لما توانت لحظة وأبنائه الأخرين في المنزل وخارجه يرون أن لديهم امرا ليس بالعارض الهين و ليست بالمشكلة التي لها حل مؤقت وتزول انه عمر وأمد طويل أن لم يحوله إلى إنجاز يخدمنا وأخوينا على حد سواء وإلاسنتعب في مستقبلهم و يتعب غيرنا معنا
أنها مهمة تحتاج إلهام وتجميع قوى ودراسة لما حولنا من مثيلاتها.
فكر خالد من أين يبدأ وكيف يبدأ فاخذ من مدينة بريدة نقطة انطلاق لبحث الحلول وجعل البداية في الحوار مع علماء كفيفين ومعلمين غير مبصرين و موظفين لايرون من الذين تجاوزوا الأزمة ونجحوا في حياتهم العملية وظهروا للمجتمع ببراعة فاقت بعض المبصرين والحمد لله فكانت بداية انطلاق صحيح نحو قصة نجاح و أخذ يسجل في ذهنه حوارات دارت مع هؤلاء المتميزين رأى منها العجب فالمجتمع الذي كان يحيط بمعظمهم جعلهم في معزل في بدايات حياتهم بعيدا عن الناس ومنهم من أغلق عليه غرفة وترك لوحده لا يحس به من حوله ولا يحس بهم لشدة أحراجهم من وجود كفيف بينهم؛
وكانوا يعانون الخجل و التواري من الناس بسببها وكذلك بعض الكفيفين والمعاقين عموما وبكل أسف يوجد أناس لا يحبون أن يرى في بيتهم ولا مجالسهم معاق فلا يجعلونهم يخالطون أحد.
كذلك وجد الأخ خالد من خلال البحث أن منهم من حكم على الكفيف انه إمام أو مؤذن أو طالب علم و معلم ولا يمكن أن يعيش و تلك فضائل حميدة، ولكن الحياة واسعة والأمل أكبر في أن يكتسب أبناؤه علوم الدين والدنيا بلا حدود وقيود.
بدأ خالد خطوات النجاح بتوفيق الله بالبحث محليا وعالميا في مراكز شتى في العالم ورحل على حسابه الخاص إلى مناطق علم أنها كانت تقدم للمكفوف افضل الخدمات التربوية وتسهل عليه حياته الطبيعية مثله مثل المبصرين .
فكانت أول خطوة سار بها وجعلها هدفا له في إنجاح مشروعة أنه وضع نصب عينيه.
-كيف يخدم المكفوف المجتمع ) لا كيف يخدم المجتمع المكفوف.
فكانت فكرة جمعية العوق البصري الخيرية وأسسها مع نخبة من المتعاونين من أكثر من دائرة حكومية ووجهاء البلاد وكبار التجار وأصحاب أياد بيضاء في الرأي والمشورة و التوصيات المساعدة في النجاح.
بفضل الميسر سبحانه أتيحت لخالد المشيقح فرصة كبيرة في الوصول إلى المكفوفين و أوليائهم في أنحاء شتى من القصيم فوجد بعضا منهم قد دفن حياً فقط يأكل ويشرب ويصلي في المسجد ولا دور له في الحياة غير ذلك فاقنع الآباء والأمهات وأقاربهم أن هذا العمل لا يقبله الدين ولا يخدم اقاربه و لا يمثل إلا عبأ على وطنه وإشغالا لذويه فاقتنع الكثير منهم وتجاوبوا للمطالبات التي كانت سببا في حصر المئأت من المكفوفين الذين لم يدخلوا في دراسات أعداد الدولة من المكفوفين.
خالد علم أن المشكلة لا تمسه وحده وابنيه فصار أبا وصديقا لأكثر المكفوفين الذين سخر لهم نهاره وليله فكلما جاء يوم جديد ازداد حجم المشتركين في الجمعية وبدأ يتعالم الناس فيما بينهم عن الجمعية وخدماتها.
وفي قصص من الواقع روى لي الأستاذ خالد وهو يتنهد بحرقة على حال المكفوفين و جزء من دموعه ظهر لي فقال أنه في خضم العمل تواصل معي أناس يشكون حال مكفوفين في عزلة عن المجتمع وآبائهم لا يريدونهم ان يحتكوا بالمجتمع ولا أن يتواصلوا مع الجمعية تواصلت معهم وإذا بي أرى أكثر من خمسة مكفوفين في أسرة واحدة بعضهم يعيشون تحت سقف واحد جاءت إصاباتهم والعلم عند الله بأسباب وراثية. فقابلت الأولياء واقنعتهم بالانضمام للجمعية والحمد لله.
تحقق للجمعية ما تصبوا إليه من أهدافها الأولى ( كيف يخدم المجتمع المكفوف )، ونحن الآن بصدد تحقيق الهدف الثاني كاملاً ( كيف يخدم المكفوف مجتمعه).
هذا بعضاً مما علمته من اخي والله أعلى وأعلم نسأل الذي أعطاه في ابنيه محنة واعانه على جعلها منحة وعطاءا لما يقارب 1400 مكفوف يستفيد من خدمات الجمعية ليتدرب ويخدم دينه وأولياءهم و المجتمع في مجالات عدة
وأن عشرات السنين خولته ليكون أبا روحيا للمكفوفين في أكثر من منطقة يشاورهم ببساطة في كل وقت فسبحان من أعطاه روح التفاني ورحابة الصدر والحزم نحو تحقيق أهدافه النبيلة الناجحة لكل ابناءه الذين من زوجته و من أبناء المسلمين.