ان طبيعة الحب عند المرأة تختلف عنها عند الرجال ، لأن عنصر الانتخاب في المرأة أقوى منه عند الرجال وإنما يتجلى عمل كل منهما في المظاهر التي يتقدم بها كل من الذكر والأنثى في عالم الحيوان ، والخلاصة أنك تجد اختيار الأنثى دقيقاً جداً ، وبه تحصل على الذكر الأليق.
والفتاة في حبها ، تمرن عامل الاختيار : وفي داخلها صوت يهيب بها ، وقد لا تخضع له ، فتراها تحب ثم لا تخضع تحت تأثير حمى غرامها ، وترى قلبها يلتهب بالعاطفة ، ولكن غريزتها تقدر لها الصفات المطلوبة في إلفها.
فاختيارها في تخيلها لا يتفق ألبته مع الحقيقة ، لأنه في أعماق نفسها غريزة هي صاحبة السلطان عليها ، فإنها تتطلب رجلاً قوياً يحميها ، ويحمى أطفالها ، ومن أجل هذا تهمها القوة في الرجل ، ويأخذ بلبها مظهره الجسمي وهذه هي دون غيرها التي يقدرها الاختيار في المرأة ، وقد لاحظ هذا الكثيرون من الرجال ، إذ رأوا أصحاب المظاهر الجميلة يفشلون في الحب ، والرجال الذين يتحكمون في المرأة ، ويتسلطون عليها إنما هم المشوهو الوجوه، القباح الصور، الأقوياء.
والجمال في الرجال، إنما يطرب إليه نفر قليل من النساء ، وخصوصاً صاحبات الجمال المفرط ، ولكن إذا بحثنا في موضوع الاختيار نجد أن الجمال في الرجال إنما يقل تأثيره على المرأة ، أو يكون تأثيره ثانوياً في كثير من الحالات ، وبذا نرى أن الحب في النساء يختلف الاختلاف كله ، عن الحب في الرجال.
ولنرى المخادعة ، المخاتلة ، تتحايل بحبها فتأسر رجلاً ، قد يفتقر إلى الخلق الطيب ، وهي في ذاتها سريعة في الحصول على ما تشتهي من الرجال ، بينا المرأة الطيبة القلب ، المصونة ، تظل عمرها ، قد لا تجد زوجاً.
ولقد كان من أمر الرجال ، أن منحوا النساء جمالاً من عندهم ، وأعطوهن صفات ، وسكروا غراماً من أجلهن ، وانساقوا يلصقون بهن كل صفة جميلة ، وها نرى الأدب والفن وقد امتلاآ بأوصاف عن النساء وعن جمالهن ، وكلها من اختراع الرجال ، ومن وضعهم.
ومن جهتها لم تفكر المرأة يوماً في أن تحصر للرجال جمالاً ، وأن تقر لهن ببعض الأوصاف الخلقية ، وهن أنفسهن لا ينكرن ما لشكل الرجال من التأثير عليهن ، بينا الكثيرات أيضاً يجمدن الجمود كله ولا يفكرن ألبته فيما للرجال من جمال.
وقد دلت تجاريب كثيرة ، على أن همّ المرأة عند اختيارها زوجاً أن يكون قوياً وقد كان لهذه النظرية كل الحظوة عند القدماء ، وإنما قامت هذه الغريزة لفائدة الاجتماع نفسه ، إذ الغرض الأسمى للزواج هو النسل ، وفي قوة الرجال داعية إلى إصلاح هذا النسل ، وإبقائه مفيداً للجماعة والعمران.
وإلى جانب هذا ، فإن القوة الكامنة في الرجال تصلح من قوامهم، وتحسن بطبيعتها من وجوههم ، فالغرض الأسمى من هذا النوع ، بقاء الأنسب.
لقد ظل الشقاء يمتلك الحياة المنزلية ، والمآسي العائلية تهدم في كيان البيت ، حتى يتعلم الرجل حقيقة المرأة ، ويصل إلى أعماق نفسها، وحتى أن الحب رفي الزواج فن يحتاج إلى مهارة ودقة ومقدرة ، وهي عوامل قيمة يحصل بها على المرأة.
أ . د / زيد بن محمد الرماني
ــــ المستشار الاقتصادي
وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية