وأنا بين الحضور هذا اليوم شدهت ،فلا أدري ما أقول ،ولا ما أعبر به؛
هل أقول مؤتمر الفكر والثقافة !!
أم أقول مؤتمر العلم والمعرفة!!
إنه مؤتمر واجب الجامعات السعودية وأثرها في حماية الشباب من الجماعات،والأحزاب،
والإنحراف؛والذي يشارك فيه نخبة من معالي مدراء الجامعات السعودية لمناقشة تحصين الشباب والشابات،من الأفكارالضالة،والضارة كذلك؛ووالله إن هذا لأمر يثلج صدر المؤمن
في تعاهد الجامعات السعودية والكليات الشرعية لترشيد خطوات الجيل ذكورا وإناثا لأن ذلك مطلب من أهم مطالب المجتمع الصالح،الماحافظ على مكتسباته،الطامح نحو مستقبل راق ،بأيدي أبناء وبنات هذا الوطن المعطاء؛فالجامعات السعودية عليها مسؤلية عظيمة جدا ،تجاه الوطن،وتجاه أبناء وبنات الوطن ،فهم بناته،وحماته،ورعاته؛اليوم وغدا،وبعد غدا؛إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها،لذا لزم الجامعات بعامة؛
أن تتعاهد فئة الشَّباب،والشابات؛ وتُجلي لهم أهميَّة الأمن الفكريِّ في الحياة، وتحرص على تعزيز عقولهم ووقايتهم من الأفكار المنحرفة؛ ووقايتهم من الشعارات الكاذبة، ولعلها تسعى إلى تحقيق أمور منها:
1- بيان أحكام الشَّريعة المُتعلِّقة بالمسائل الأمنيَّة لهم، كخطرالخُروج على ولي الأمر،ومايحصل معه من فتنة وإراقة دماء وضياع دين ودنيا؛ وخُطورة قتل المُسلم بغير حقّ؛ وعظم خطرخفر ذمَّة المُعاهد، ونحو ذلك.
2- التربيةعلى الوسطيَّة في الدِّين والاعتدال في التَّديُّن وغرس ذلك في عُقولهم،وقلوبهم، وبيان خُطورة ضده.
3- التحذير من منابع الشبهات،ومناهج أهل البدع والمحدثات،والمصادر الفاسدة التي يرجع إليها بعض المُغرَّر بهم؛فيبنون عليها مُعتقداتهم الباطلة.
4- التفطن لأثر الجانب العاطفيِّ وخطورة شحنهم،فإن ذلك يتسلط على أدق مشاعرهم ؛فيؤثرعليها،وكذلك أثره الخطير والبالغ على جانب التَّأصيل العلميِّ المنهجي .
5- لا بد من العناية بترسيخ مبدأ الإحساس بالمسؤوليَّة تجاه قضية الأمن،فهو مسؤليةالجميع؛ لأنَّ بقاء الجنس الإنسانيِّ والحياةإجمالا؛لاتكون إلا به،و في جميع الجوانب؛ بل وكذا التَّقدُّم والازدهار والتَّرقِّي في درجات الحضارة؛ كُلُّ ذلك لا يكون إلا مع الأمن،
فالشرائع السماوية جميعها أجمعت على؛أمن هذه الكليات الأساسية للحياة وهي: الدِّين والعرض والعقل والمال والنفس؛وممايجدر التأكيد عليه في ظل هذه المتغيرات المعاصرة،التأكيدعلى التعددية الفكرية،ومسائلها المؤسسةلها؛وذلك أن تُبرز هذه الجامعات والكُلِّيَّات ثقافة الاختلاف والتنوع،بل والتعدد، لا ثقافة المُخالفةوالمشاحنة،
والقطيعة،فثقافة الاختلاف تهدف إلى الوصول إلى الغاية المُوحَّدة، ولو تنوعت السبل،وكذا لا يتولَّد منها المُخالفة، وإذا نشرذلك أثمر ثمار تعايش،ووحدة،وألفة،منها :
1- إن اختلافَّ العُقول والطِّباع،يجعل الأذواق،والفهوم،في اختلاف،وتنوع؛مع التأكيد بأن هذا الدِّين قويٌ متينٌ، ولن يُشاد الدين أحد إلا غلبه.
2- إنعاش حركة الاجتهادالعلمي الفقهي المُنضبط بالضَّوابط الشَّرعيَّة، لتظلَّ هذه الشَّريعة مُتجدِّدة؛ فيها صلاحَ لكُلِّ: إنسانِ؛ وزمانِ؛ ومكانِ.
3- تحجيم موارد التَّعصُّب للرَّأي الأعوج؛ أو الفكر الأخدج؛أو المنهج الأعرج.
كذلك مماينبغي للجامعات أن تقوم به،هوتجلية بواعث التَّطرُّف ودوافع الغلو،وتفكيك خطابه،وبيان إنحرافه الفكريِّ،
فمن البواعث الباعث النَّفسيُّ؛ وهو ما يتعلَّق بانطباع توهُّمٍ في النَّفس له أبعادٌ مُتعدِّدة، فحينا اتهام للنفس بالتَّقصير ، فيرى في الإفراط سبباً إلى ذلك، وتارة بالقياس مع الفارق على حال الأوَّلين دون استكمال الأدوات فهم الحياةوالطور الذي يعيشه،وعاشوه ..
وكذلك باعث الحالُّ، ممايراه في محيطه،وتشكله له وسائل الإعلام المؤثرة والمتنوعةكذلك ..
ومن البواعث كذلك لذلك الباعث العلميُّ، وهذا مُرتبطٌ بخلل في الفهم، وسُوء التلقي،و يكون تارة بسُوء في التنزيل، ويكون تارة أُخرى بسبب الخلط بين الدِّين والتَّديُّن؛ وجعل دين الإسلام وتديُّن الناس شيءٌ واحدٌ،وهذا بعيد ..
مرورا بالباعث السَّياسيُّ، والذي يعتقد بعض التيارات،والجماعات،
والأحزاب أنَّهابتربية الناشئةعلى التشدُّد في المُواجهة يُمكنها أن تتغلَّب على خصومها ..
وهنا يكون دور الجامعات في إحتواء الجيل ذكورا وإناثا،وفي توازن الخطاب الديني مع متطلبات الحياة المسلمة الكريمة التي رضيها الله لنا،وجعلها قدرنا في هذه الحياة ...
بقي أن أقول
شكرا لكل صرح شامخ في بلادي يعلمني قيمته،ويزرع في نفسي حبه،وشكرا لكل معلم غرس في نفسي حب بلادي ،وربط روحي بها،وحرك وجداني بمكة وطيبة،فعرفت قدرها ...
شكرا ألف لجامعة الإمام ...
على دورها الريادي في رعايةالأمن الفكري،حتى أصبحت بيت خبرة فيه ..
دمتم بعافية ..
والسلام عليكم ورحمةالله وبركاته ...
د . محمد بن سرار اليامي
عضو هيئة التدريس في كليةالشريعة وأصول الدين بجامعة نجران