الزواج نعمة من نعم الله ، ومنة من أجل منن الله ، جعله الله آية شاهدة بوحدانيته ، دالة على عظمته وألوهيته ، وإنما يكون الزواج نعمة حقيقية إذاتمسك كلا الزوجين بهدي الكتاب والسنة ، وسارا على طريق الشريعة والملة ، عندها تضرب السعادة أطنابها في رحاب ذلك البيت المسلم المبارك ، ولكن ما أن يبتعد الزوجان أو أحدهما عن صراط الله حتى تفتح أبواب المشاكل ، ويليها الخلافات والنزاعات ، وعندها يعظم الشقاق ويدنوالفراق، فيفرح شياطين الإنس والجن ، ويشتم الأعداء الحساد .
فجنود إبليس يسعون لهدم البيوت ، ويسعون بكل ما يستطيعون لزرع أسباب الفرقة والشقاق ، وإبليس أشد مايكون فرحا لما يأتيه أحد جنوده فيقول : ماتركت صاحبي حتى فرقت بينه وبين امرأته ، ما تركته : فأرهقته بالوساوس ، وعظمت له الأخطاء ، وأعميته عن الحسنات ، وزينت له الطلاق أزا، وأصدت عن الخير والصلاح صدا ، فأنسيه كل ساعة هنيئة ، وكل لحظة حب ووفاق مريئة، وأذكره بالعيوب والزلات والأخطاء والهنات، فمازلت به حتى فرقت بينه وبين امرأته لذا قال الله ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوا عدوا).
كثر الطلاق اليوم حينما فقدنا زوجا يرعى الذمم ، حينما فقدنا الأخلاق والشيم ، زوج ينال زوجته اليوم فيأخذها من أبيها عزيزة كريمة ضاحكة مسرورة ، ويردها حزينة كسيرة ، باكية مطلقة مقهورة.
كثر الطلاق اليوم لما كثرت النعم وبطرالناس الفضل من الله والكرم ، وأسبح الغني الثري يتزوج اليوم ويطلق في الغد القريب ، ألم يعلم أن الله سائله ، وأن الله محاسبه ، وأن الله موقفه بين يديه في يوم لاينفع فيهرمال ولا بنون ولا عشيرة ولا أقربون .
كثر الطلاق لما كثرت المسكرات والمخدرات فذهبت العقول وزالت الأفهام ، وتدنت الأخلاق ، وأصبح الناس في جحيم وألم لايطاق.
أما عواقب الطلاق أليمة ، فقد يجد الزوج خيرا من زوجته ، وقد تجد الزوجة خيرا من زوجها ، لكن الأبناء لن يجدوا بديلا ، وإن حالة الإبن بعد فراق والديه أسوأ في كثير من الأحوال من حال اليتيم الذي فقد أباه ، أو الإبن الذي ماتت أمه. فأول ضحية الأبناء والذرية الضعفاء.
منهم من يتخبط في متاهات الحياة تجده بليدا متأخرا في دراسته ، ومنهم من يكون صيدا سائغا لرفاق السوء وأصحاب السلوك الموج.
فيأمن يريد الطلاق : صبر جميل ! فإذاكانت المرأة ساءتك ، فلعل الله أن يخرج منها ذرية صالحة تقر بها عينك ، قال ابن عباس في قوله تعالى ( فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ) . قال ابن عباس رضي الله عنهما : هو الولد الصالح.
بقلم : نورالدين محمد طويل
إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بدرانسي شمال باريس ونائب رئيس منتدى أئمة فرنسا