يمكن للتعميم أن لا يكون خطأ هنا فكل الناس بالفعل يبحثون عن السعادة ، والفلاسفة يسمونها الخير الأسمى يقول أرسطو في كتابه ( الأخلاق إلى نيقو ماخوس ) : أن العامي كالمستنير يسمى الخير الأسمى السعادة ولكن العامي يختلف عن الحكيم في تحديد طبيعة السعادة وأصلها.
الاختلاف في تحديد مالسعادة وقع بين الفلاسفة أنفسهم فهناك منهم من يعتبر الإنسان إنما ماهيته هي النفس ولذلك يحصر السعادة فيها ويجعل الجسد مصدر التعاسة ، وهناك آخرون يعتبرون الإنسان نفسًا وجسدًا ولذلك فإنهم يجعلونها لا تكتمل إلا إذا اقترنت بسعادة البدن .
في الجانب الأول يقف أرسطو أيضاً وهو يرى أن العيش بسعادة يكون في مستويات أدناها ما أسماه بعيشة البهائم وهو يرى أن أغلب الناس قد اختاروها ، واعلاها ما أسماها بالعيشة التأملية والعقلية وهي مرحلة عنده لا يصل لها إلا الحكماء فقط ، ومعه يقف فلاسفة مسلمون كأبن مسكوية الذي يرى في كتابه ( تهذيب الأخلاق ) أن الفضائل التي تجلب السعادة كلها في النفس فقط وحدها ولا يحتاج معها إلى غيرها من فضائل البدن وهي تكمن في الحكمة والشجاعة والعفة والعدالة ، والفلاسفة الرواقيين يصرون على أننا كلما امتلكنا وسيطرنا على احكامنا ورغباتنا امتلكنا الحياة السعيدة .
في الضفة الأخرى يبرز فيلسوف اللذة ( ابيقور ) ومعه كل الفلاسفة الماديين والذي يبدو أن فلسفتهم في هذا الموضوع هي التي تقود العالم هذه الأيام ، والسعادة عندهم ملازمة للذة وهي بداية كل حياة سعيدة ولكن ابيقور يقول لنا في نصيحة مختلفة عن فلسفته أننا يجب أن نقتنع بالقليل أن كنا لا نملك الكثير خوفاً من شعورنا بالحاجة الذي يراه شر وألم تبعدنا عن مانطلبه من سعادة.
وطريق البحث عنها عند اسطورة التحليل النفسي سيجموند فرويد دائماً محفوف بالمخاطر والعوائق وهي موجودة اي هذه التهديدات في كل علاقاتنا مع انفسنا ومع العالم الخارجي ومع الناس وهذه التهديدات تبعدنا عن السعادة وتقربنا من التعاسة .
وفي بعد آخر ينصح حجة الإسلام الامام الغزالي الباحثين عن السعادة في كتابه ( كيمياء السعادة ) فيقول : فالواجب عليك أن تعرف نفسك بالحقيقة حتى تدري أي شيء أنت ومن أين جئت إلى هذا المكان ولأي شيء خلقت وبأي شيء سعادتك وبأي شيء شقاوتك ، ثم يوجهه إلى أن معرفة النفس لا تتم حتى تعرف الله سبحانه وتعالى .
في الأخير لعل أهم مبدأ ينبغي اعتباره في البحث عن السعادة هو عدم محاكاة الآخرين وتقليدهم ، فالسعادة الحقيقة لا تكمن في اتباع وصفات جاهزة وانما يتم ذلك بالبحث الذاتي الذي يقوم به كل فرد في حياته .
التعليقات 3
3 pings
زائر
04/01/2018 في 7:31 ص[3] رابط التعليق
التعليق
(0)
(0)
سعد هتشان
04/01/2018 في 6:54 م[3] رابط التعليق
كلام جميل واستشهاد رائع بمدارس فلسفيه مختلفه و تدرجها الزمني كان ممتاز ، كل الشعوب بحثت عن السعاده .
الى الامام
(0)
(0)
زائر
15/01/2018 في 6:36 م[3] رابط التعليق
جميل ?
(0)
(0)