حدّثني الأستاذ فاسد ابن العمة أمانة حفيد الجدّة نزاهة : بإن الطريقة المُثلى لمصّ جيوب الشعب وسلب مقدراتهِ هي أن تستغل نفوذك الوظيفي .. وتنتهز سلطتك المهنيّة ..
ليتضخم رصيدك .. ولتتنمى ميزانيتك ..
أردفها بإبتسامة وضيعةٍ .. وضحكةٍ خبيثةٍ قائلاً ستظلّ نقيٌ طاهرٌ مهما حدث .. ( فأنت الفاسد المصلح ) .. فقلتُ لَهُ ماتعني بقولك ؟ فقال
لي إياك أن تقبل بالإنجازات المتواضعة في دنيا ومحافل الفساد .. ولا ترتضي بتحقيق البطولات الضعيفة في عالم وميادين الخيانة ..
وليكن شعارك المرفوع ( إذا سرقت أسرق جمل ) .. وليكن نهجك المتبوع ( إذا نهبت فلا تترك أثراً ) .. فبقدر فسادك سترتفع مكانتك .. ويسمو مقامك بحجم خيانتك .. فإن لم تأخذ هذا المال بالطبع سيسرقَهُ غيرُك ..
فذهبت لفراش نومي ضارباً أخماساً في أسداسٍ .. عرضٌ مغرٍ .. أموالٌ طائلةٌ .. وقصورٌ فخمةٌ .. وسياراتٌ فارهةٌ .. ورحلاتٌ مكوكيةٌ .. وسفراتٌ سياحية .. وماركاتٌ وعطورٌ باريسيةٌ .. سأصبحُ مشهورٌ .. وتاجرٌ ثريٌّ .. وشيخٌ يُشار لهُ بالبنان .. فأطلقتُ لخيالي العنان .. وتحررتْ لديّ أحلامُ اليقظة ..
ولم يوقضني من ذلك إلا ساعة إنطلاقي لعملي .. فنهضتُ من فِراشي متثاقلاً .. فوجدتُ صديقي .. وصارحته بما حدث لي ليلة البارحة .. فقال ممتعضاً ( أن بعض المفسدين ومع الأسف تشعرُ أن السِنَتَهُم مساجد .. وقلوبهم معابدٌ يهوديةٌ ) .. أياديهم قذرةٌ .. ونواياهم نجسةٌ .. وأفكارهم نتنةٌ .. ثم أردف قائلاً ( كل مفسد سيتحمّل تبعات فسادَه .. فهناك من أدخل يده في جيب الوطن والمواطن ولم يخرجها .. ولكن والدُنا - سلمان الحزم - سيبتر كل يدٍ تلوثت بالفساد وسيجتثها من جذورها ) .. فتعساً لِمن إستمرأ أكل أموال الضُعفاء الذين يعانون شظف العيش .. وشقاءً لِمن يتلذّذُ بإلتهام مدخرات البُسطاء الذين يُكابدون مشقّة الحياة ..
.. ثم زاد قائلاً " إن بلادنا الآن تتطهرُ من ربابنة الفساد فهم معولُ هدمٍ للاقتصاد والمجتمع .. ومكافحتهم هو نهجٌ للدولةِ في تعزيز النزاهة والشفافية والمحاسبة والحوكمة وذلك لخلق بيئةٍ تتحقّقُ فيها العدالة الاجتماعية وتتوطّدُ فيها قيم العدل والمساواة للحفاظ على مقدرات الوطن ومكتسباته " ..
فالمفسد في عهد - سلمان الحزم - كمن يصارع طواحين الهواء أو يناطح رواسي الجبال ..
فحكومتنا قضت على أساليب الإحتيال على الثروات .. وأيبست منابع الإنفلات المالي .. وجفّفت منابت ساقية الفساد .. حتى أصبحت السرقة والنهب ضرباً من الخيال وتاريخاً من الماضي وتلك - لعمري - هي ماننشده جميعاً ونتطلعُ إليه ..
فأطنبتُ صمتاً - في لحظةِ تجلّي - مُتسائلاً عن صديقي المخلص الأستاذ فاسد .. فقال لي عامل المكتب بعد أن قدّم لي قدحاً من القهوة .. ألم تعلم بإن صديقك قد إجتثتهُ بالأمس يدُ سلمان الحزم وأقتلعتهُ من جذوره .. فدُهشتُ مما قال وأيقنتُ فعلاً أن الفساد مرتعَهُ الذات المريضة .. ومثواه النفوس الدنيئة .. وأنه وباءٌ فتاكٌ .. وداءٌ عضالٌ .. شرّه إستشرى .. ومرضهُ تفشى .. فلذا وجب محاربتهُ .. ويتحتم علينا مُجابهتهُ .. فتدميرُ أوكارَ الفساد هي الخطوة الأولى نحو إعادة بناء مؤسّسات الوطن .. " وأن الثائر الحق هو من يثور لهدم الفساد ، ثم يهدأ لبناء الأمجاد ".
- ترنيمةُ الفساد -
ما خلق ربي على الدنيا كبير
من تكبّر من عبادْ الله " قزم " ..
كُل فاسد من وزير ومن امير
يطرحه رادار " سلمان الحزم " ..