لقد أقامت كل من جمهورية البرازيل الاتحادية والمملكة العربية السعودية علاقات دبلوماسية متبادلة في عام 1968، ومنذ ذلك الحين لدينا علاقة طويلة الأمد، ثابتة ومستقرة. ففي عام 1973 فتحنا سفاراتنا في برازيليا وجدة، وفي عام 1986 نقلنا مقر سفارة البرازيل إلى العاصمة الرياض. وعلى الرغم من أن لدينا الكثير من الإنجازات على طول هذه السنوات؛ فلا يزال لدينا عدد لا يحصى من السبل للاستكشاف وأبواب جديدة لتُفتح في جدول أعمالنا الثنائي. على سبيل المثال، في السنوات الثلاث الماضية، حدثت تطورات هامة في العلاقات الثنائية. ففي مارس 2015، كانت أول زيارة قام بها أعضاء مجلس السيناتورز إلى البرازيل، تلتها اجتماع اللجنة المشتركة الثانية في أبريل 2015، حيناه وقعنا ثلاثة اتفاقات ثنائية: بشأن النقل الجوي للخدمات، والتعاون في مجال الرياضة، والتعاون بين شركائنا الدبلوماسيين الأكاديميين. وأيضاً في السنوات الثلاث الماضية، أجرينا عدة زيارات وزارية من كلا الجانبين للمساهمة في جدول الأعمال الثنائي بشكل متزايد.
في الوقت الحاضر، نحن نتفاوض على عدة اتفاقيات مع المملكة العربية السعودية من أهمهم: اتفاقية تأشيرات العمل والزيارة الطويلة الأجل، اتفاقية بشأن تسويق وتيسير الاستثمار الثنائي المتبادل، اتفاقية التعاون بين الجمارك السعودية والإيرادات الاتحادية البرازيلية، اتفاقية التعاون من أجل الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وأيضاً اتفاقية تجمع بين مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) والبنك المركزي البرازيلي بخصوص المراسلات المصرفية.
أما من حيث التبادل التجاري، تتمتع البرازيل والمملكة بعلاقات ثنائية قوية، حيث يبلغ حجمه السنوي لـ6 مليارات دولار أمريكي كما في احصائيات السنوات 2012-2014، وتبلغ حصة كل منهما حوالي 3 مليارات دولار أمريكي. وفي العام الماضي، كان الحجم هو نفسه على الرغم من أن القيمة انخفضت إلى 3.8 مليار دولار، لا سيما بسبب انخفاض أسعار السلع بشكل عام والتي تشكل جزءاً كبيراً من التجارة الثنائية.
والبرازيل والمملكة هما عضوان في مجموعة العشرين، وهي مجموعة البلدان التي تشكلت بعد الأزمات الاقتصادية والمالية 2008-2009. لذلك، فإن كلا البلدين يغتنمان فرصة الانضمام إلى هذا المحفل الهام جداً لتنسيق المواقف بشأن المسائل المالية والاقتصادية.
إن إرث الثقافة العربية وحكمتها العلمية والثقافية قد تم نقله إلينا منذ وصول البرتغاليين في البرازيل عام 1500. فلمدة 800 عام، عاشت شبه الجزيرة الإيبيرية مع ثراء "الأندلس" الذي لا يزال حتى يومنا صلة تفاعل وحوار مهم جداً بين الحضارتين الشرقية والغربية. وفي الوقت الذي تأثر فيه المهاجرون العرب بالثقافة التي رُحبوا بها، تركوا بصماتهم في ثقافتنا في بلدي إلى حد أنه من المستحيل اليوم التفكير في الثقافة البرازيلية دون وجودهم.
ويتوضح التأثير العربي في البرازيل مع فكر التعايش السلمي بين وجهات النظر المختلفة للكلمة ويعكس في الوقت نفسه القواسم المشتركة للقيم الإنسانية المشتركة. فإن الشعوب العربية، بثقافتها وحكمتها الألفية، على الرغم من أنها بعيدة جغرافيا، جعلتنا أقرب إلى بعضنا البعض ولا تزال تسهم في إبقائنا معا في الأيام الحالية.
ومن الجدير بالذكر بأن الإسلام كان قد وصل إلى البرازيل منذ فترة طويلة من خلال أيدي موريسكوس (المسلمين المتحولين من المسيحية) الذين جاءوا من البرتغال في القرن السادس عشر. واليوم أصبح الإسلام على نحو متزايد جزءاً من المجتمع البرازيلي، وبلادنا تنمو معه كذلك. فيوجد حالياً نحو 94 مؤسسة إسلامية معتمدة في البرازيل، لتزيد 58 مؤسسة في عام 2002، بعد أن كانت 33 مؤسسة في عام 1983. وفي غضون عشر سنوات، قفز عدد المساجد من 70 إلى 115 مسجد. ويقدر عدد المسلمين في البرازيل بنحو 1.5 مليون نسمة.
ومع اقترابنا من 50 عاماً من العلاقات الدبلوماسية التي سيتم الاحتفال بها في عام 2018، سنواصل العمل مع المملكة العربية السعودية لتعزيز علاقاتنا على جميع المستويات والمجالات في المستقبل. وفي هذا الصدد، أود أن أشكر حكومة المملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، على دعمهم لتعزيز علاقاتنا الثنائية.
ومع احتفالنا بالذكرى السنوية الخامسة والثمانين لتأسيس المملكة العربية السعودية، وبمناسبة اليوم الوطني السعودي، أود أن أتقدم بأحر التهاني وأطيب تمنياتي إلى حكومة المملكة، وإلى خادم الحرمين الشريفين بالسعادة الدائمة، فضلا عن التطور المستمر للمملكة العربية السعودية وازدهار الشعب السعودي.