إن في حياة الرِّجال, كل الرِّجال, قديماً وحديثاً مواقف, وفي سني عمرهم وقفات, بعضها ينمّ عن الشرف والشجاعة والذكاء, وبعضها يدل على السخافة وضعف النفس والبطالة, وبعض آخر فيه طرافة ولطافة, وفي جزء كبير منها نرى العجائب والغرائب.
وإليك أخي القارئ بعضاً من ذلك, من أجل أخذ العظة والعبرة, وصولاً للدروس المستفادة في حياتنا المعاصرة.
1- قيل لرجل: بكم تبيع شاتك؟ قال: اشتريتها بخمسة، وهي خير من ستة، وقد رأيت دونها بسبعة، وقد أعطيت بها ثمانية، وفي نفسي أني لا أبيعها بتسعة، ولكن لا أنقصها عن عشرة، فمن أعطاني بها أحد عشر بعتها له، وإلا لم أبعها، والسلام!!
2- ابتاع رجلٌ غلاما، فقيل له: إنا نبرأ إليك من عيب فيه.
قال: ما هو؟! قالوا: يبول في الفراش قال: إن وجد فراشاً فليفعل!!.
3- كتب رجل إلى قاضٍ في أمر قوم جيرانه اختصموا: إن الذي لم يجر بينهما غير مفهوم، وقد أردت الاستصلاح فعاد استفساداً، فإن رأى القاضي – أدام الله عزله – أن يصفح عن كتابي فإن فيه نقصاً.
فقال القاضي: لا، بل فيه زيادة لام، كفانا الله تعالى شرّها (يعني اللام الزائدة في كلمة عزله، وكان المقصود: أدام الله عِزّه).
4- حُكي أن رجلاً ادّعى أن كل أحول يرى كل شيء اثنين!! وكان له ابن أحول، فقال: يا أبه ليس هذا بصحيح، لو كان كذلك لكنت أرى القمرين أربعة!!.
5- أتى رجلُ نخاساً فقال: اشتر لي حماراً ليس بالصغير المحتقر، ولا بالكبير المشتهر، إن أشبعته شكر، وإن أجعته صبر، وإن خلا الطريق تدفّق, وإن كثر الزحام ترفّق, ولا يصدُم بي السواري، ولا يدخلُ بي تحت البواري، إن ركبته هام، وإن ركبه غيري نام، فقال له النخاس: أنظرني قليلاً فإن مسخ الله القاضي فلاناً حماراً اشتريته لك!!.
6- قال رجل لابنه: يا بُنيّ تعلم خطبة النكاح فإني أريد أن أنكح أخاك. قال: نعم. فلما كان الليل, قال: أتعلمت شيئاً؟ قال: نعم. قال: هات. قال: الحمد لله, أحمده وأستعينه وأؤمن به وأتوكل عليه, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده وسوله، حيّ على الصلاة, حيّ على الفلاح. فقال أبوه: يا بُني، لا تقم الصلاة حتى أذهب وأجيء، فإني على غير وضوء!!.
7- جاء رجلٌ بقمح ليطحنه، فقال الطحَّان: إن عندي شغلاً كثيراً فترفّق فأبى، فقال: لئن لم تطحنه دعوتُ الليلة عليك فتهلك دوابك!! فقال له الطحان: ودعاؤك مستجاب؟
قال: نعم. قال فادع الله أن يجعل قمحك طحيناً!!.
8- كان رجلٌ ينسى أسماء مماليكه، فقال: اشتروا لي غلاماً له اسم مشهور ولا أنساه. فاشتروا له غلاماً وقالوا: هذا اسمه واقد. قال: هذا اسم لا أنساه, اجلس يا فرقد!!.
9- قال رجل للحسن البصري رحمه الله: ما تقول في رجل مات وترك أبيه وأخيه؟. فقال: أغيلمـة, إن فهمناهم لم يفهموا, وإن علمناهم لم يعلموا, قل: ترك أباه وأخاه. فقال له: فما لأباه وأخاه؟ فقال الحسن: قل لأبيه ولأخيه قال: أرى كلما تابعتك خالفتني!!.
10 – قيل: إن سائلاً أتى إلى باب رجل من أغنياء أصبهان، فسأل شيئاً، فسمعه الرجل، فقال لعبده: يا مبارك، قل لعنبر يقول لجوهر, وجوهر يقول لياقوت، ياقوت يقول لألماس, وألماس يقول لفيروز, فيروز يقول لمرجان، ومرجان يقول لهذا السائل: يفتح الله عليك!! فسمعه السائل فرفع يديه إلى السماء, وقال: يا رب قل لجيرائيل يقول لعزرائيل بأن يقبض روح هذا البخيل!! فخجل التاجر، ومضى السائل لحال سبيله.
11- خطبت امرأة لرجل، فسألت عنه فقالت الخاطبة: يبيع ويشتري. ثم فُتّش عليه، فإذا هو بطَّال؟!
فقيل لها: ألست قلت يبيع ويشتري؟ فقالت: نعم، يبيع ثيابه ويشتري بها خبزاً!!.
12- رأى رجل رجلاً يأخذ حجارة أعدّها لبنائه فاستحيا منه، فقال الآخذ: لم أعلم أنها لك.
فقال: هبْ أنك لم تعلم أنها لي، ألم تعلم أنها ليست لك!!.
13- خرج رجلان من خراسان إلى بغداد في مَتْجر لهما، فمرض أحدهما، وعزم الآخر على الخروج فقال له: ما أقول لمن يسألني عنك؟!. قال: قل لهم: لما دخل بغداد اشتكى رأسه وأضراسه، ووجد خشونة في صدره، وكبراً في طحاله، وخفقاناً في فؤاده، ورباناً في كبده، وورماً في ركبتيه، ورعشة في ساقيه، وضعفاً عن القيام على رجليه. فقال رفيقه: بلغني أن الإيجاز في كل شيء مما يستحب، فأنا أكره أن أطيل عليهم، ولكني أقول لهم : قد مات.
14- ذكر عن أبي حاتم السجستاني قوله: كان رجلٌ يحبُ الكلام ويختلف إلى حسين النجار, وكان ثقيلاً متشادقاً لا يدري ما يقول: فآذى حسين النجار، ثم فطن له فكان يُعدُّ له الجواب من جنس السؤال, فينقطع ويسكت.
فقال له يوماً: ما تقول- أسعدك الله- في جدٍّ يُرشي التوهيمات في عنفوان القُرب من درك المطالب؟ فقال له حسين: هذا من وجود فوت الكيفوفية على غير طريق الحسُّوبية، وبمثله يقع إلينا في المجانسة على غير تلاق ولا افتراق. فقال الرجل: هذا محتاج إلى فكر ولاستخراج.
فقال حسين: افتكر، فإنا قد استرحنا!!.
15- قال رجل لبعض الظراف: قد لدغتني عقرب فهل عندك لهذا دواء؟ فقال: الصياح إلى الصباح!!..
أ . د / زيد بن محمد الرماني
ــــ المستشار الاقتصادي
وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية