بات واضحا أن العالم ضاق ذرعا بالتصرفات القطرية التي امتدت على مدى
عشرين عاما . مكمن الخطورة التي لاتدركها الحكومة القطرية أن ما فعلته
له تبعات خطيرة جدا ، فلو أحيل الملف القطري الى محكمة الجنايات الدولية ،
أو إلى مجلس الأمن الدولي فسوف تكون قطر تحت طائلة عقوبات ومطالبات
يتعويضات هائلة جدا لو أنفقت الدوحة احتياطها من حقول الغاز كاملا لسنين
طويلة لن تفي بتلك المطالبات .
الحكومة القطرية عليها التزامات واضحة ومحددة تجاه أشقائها من دول مجلس
التعاون الخليجي ويجب عليها أن تستجيب لهذه الالتزامات والاستحقاقات التي
هي ليست مطالب ترضية وإنما استحقاقات يلزم قطر تنفيذها للابقاء على اللحمة
الخليجية وعلى البيت الخليجي ، وسرعة الاستجابة وإلا خرج الأمر عن سيطرة
قطر وعما تتخيله حكومة قطر.
إن أسوأ القرارات التي يمكن أن يتخذها أي قائد أو مسؤول سياسي هو أن يضع
وحدة دولته واستقلالها وأمنها وسلامتها وسلامة شعبه رهن موقف دولة أخرى
أو مزاجها عبث لايمكن تصوره ، وماتقوم به الحكومة القطرية من المراهنة
على دور الولايات المتحدة أو تركيا أو إيران أمر خطير وهو حافة الهاوية ، ومن
يدفع قطر إلى الأمام لركوب هذه الموجه لاينتمي إلى الشعب القطري ، فربما يكون
هنالك مستشاريو سوء أو ربما الحكومة القطرية تتقمص دور مختلف عن مصالح
الشعب القطري وعن وحدة قطر وعن الالتزامات التي التزمت بها قطرتجاه ميثاق
مجلس التعاون لدول الخليج العربية . فجاءت الصدمة للحكومةالقطرية من رئيس
الولايات المتحدة حين قال : إن قطر لها تاريخ طويل في الإرهاب ولها دعم متقدم .
فهذا التصريح كان بمثابة الإفاقة للحكومة القطرية يجب أن تقف عنده كثيرا ،
فالولايات المتحدة لم تعد حليفا لقطر التي جعلت نفسها في مأزق وكل من يدافع
عنها لأن كل من يدافع عن قطر سيوصم بتهمة الإرهاب .
وما تزعمه الحكومة القطرية بأنها لاتعلم الجرم الذي اقترفته حتى تستحق هذه
الحملة ماهو إلا من التشويش والصدمة التي أصابت أعضاء الحكومة القطرية
فأصبح لديهم سوء تقدير كبير للموقف ، فإذا كان المواطن البسيط في دول
الخليج يعرف التهم الموجهة للحكومة القطرية ! فلا أدل من ذلك على تغافل
قطر واستهتارها بالحكومات الخليجية ومطالبها . بل كل العالم الآن يتكلم عن
الجرائم التي ارتكبتها قطر ، فجرمت كل من تونس وليبيا مؤخرا عددا من
الكيانات الإرهابية التي تدعمها قطر وطالبت بإضافتها للقائمة .
ما نخشاه أن تقفز قطر إلى المجهول وتجني على نفسها بتصرفات هي الأن
في غنى عنها ، وبإمكانها تلافي هذا بأن تعود إلى أشقائها في دول مجلس
التعاون وأن تعترف ما بدر منها من أخطاء كارثية وصفها البيان السعودي
بأنها إنتهاكات جسيمة ، وهذه العبارة لم تقلها المملكة العربية السعودية
من فراغ ، فهذا يعني أن هناك تهديد للوحدة الوطنية وللأمن وسلامة السعودية
والامارات العربية المتحدة ودولة البحرين وجمهورية مصر ، ومن يريد
تهديد الأمن وسلامة المواطنين في تلك البلدان يجب أن يجابه .