تنامت وسائل التواصل الاجتماعي في هذا العصر و تسارعت الوتيرة في اختزال المسافة بين البشر ، حتى اصبح مايفكر فيه الشرق يصل لأقصى الغرب في أسرع من لمح البصر !
يحدث ذلك من خلال تعدد الوسائل الناقلة والتي كثرت اسمائها وتضادت مزاياها وتنافس المخترعون بأبراز فنونها وتعدد رموزها لتجذب كل متعطش لماهو جديد!
إن جاز التعبير فهو زمن " كشف العقول " وماتحتويه بكامل التفاصيل ، فما تتحدث به الشعوب ومايتناقله الأفراد عبر هذا الوسائل هو المقياس الحقيقي لمستوى الوعي والثقافة السائدة بين اوساط هذا المجتمع ، والتي من خلالها تُشرع نوافذ للمتربصين للدخول عبرها لتنمية مايؤثر على العقول ويشغلها بتفاهات الأمور.
في حين ما إذا كان السائد في هذا المجتمع علو الهمة، وسمو التفكير والتقيد بقيود التثقيف والتنوير، والبعد عن قول وتداول وسائل الهدم وتضييع الوقت خلف ذاك الساذج في فكرة، وذاك المقطع بهشاشة محتواه ، حين ذاك ينخلق لدى الأخر انطباعاً يُصعب المهمة في النيل منه.
و بالمناسبة سأتطرق إلى وسلتين من هذه الوسائل الناقلة على الصعيدين العام والخاص.
فعلى الصعيد العام ، برنامج " التويتر " مثلاً ، والذي اصبح محطاً لنشر الغسيل كما يقولون ، وليس بأمر " إيفانكا " ابنت ترامب ببعيد ، والذي كشف سوأة بعض العقول وانشغالها بامرأة ليست إلا ، والتي كانت في كل الأحوال إبنت ضيف حل في كنف الوطن ، ومن الأدب والعقلانية وشيمة العرب خاصة والمسلمين عامة ، ان يترفعوا عن المساس بشخص الضيف مهما كانت هيئته.
وكان من العقلانية وسمو الهمة ان ينصرف الجميع لنظر في جوانب هذه الزيارة الايجابية، والتي تعتبر تاريخية في زمنها وعظيمة في هيبتها وما ستؤل اليه نتائجها ومدى حجمها في عيون الأخرين ، لا ان نسطح عقولنا ونقل في الحديث ادبنا ونعرض بلدنا وشعبها للأحراج امام الأخر ونفتح الثغرات لعدواً يتصيد في العتمات لكي يبالغ في الشماتات !!
البعض ممن اراد رقع الخرق ، انبرى مدافعاً عن هذه التصرفات بأنها كانت تدار بيدي عدائية خارجية تنسب لشبابنا الهفوات ومزيداً من العثرات!!
ليسمح لي من يقول بهذا القول ان اقول له وبكل أسف ، هذا غير صحيح فغالب ماحصل ويحصل هو نتاج افكار بعض شبابنا والذي استهوته تلك السفسفات بدعوى اللهو والنكات؟
ياسادة ياكرام ان لم نعترف بالخلة فلن نستطيع معالجة العلة ، وسيستفحل أمرها ويتكرر فعلها ، فلا تلتمسوا العذر لمن اساء إلى نفسه وبلدة وشعبة باختلاق المبررات الواهية!
أيضا على الصعيد الخاص برنامج "الواتس أب" والذي هو أحد الوسائل التي نالت شعبية واسعة على المستوى العائلي والأسري ، والذي رغم فائدته في مالو أستخدم في جانبه المضي ، إلا انه وللأسف تحول بفعل البعض إلى وسيلة لمضيعة الوقت ومضماراً مفتوح للسباق على النسخ واللصق للغث والسمين ، حتى اضحت مجالسنا ملاء بأجسادنا فارغة من عقولنا ، وحرمتنا تجاذب أطراف الحديث بيننا.
وعلى الحافة الأخرى تشتت افراد أُسرنا ، فكل فردا منهم يهيم في واداً سحيق وبعداً عن الصواب عميق .
فلا الابن في حديث وداً مع والديه، ولا الشقيق يشاطر في أمراً اخيه ، فالكل مشغول مع مجهول على غير هداً يناغية.
ومما يعمق الجراح حقاً ان غالبية مايتم تداوله تكراراً ممل و هشاً مُكل!
لأ باس ان نجعل للهو جزء من الوقت ، ولكن ان ننام ونصحوا على تلك التراهات ، فتلك لعمري هي القشة التي حتماً ستقصم ظهر البعير.
بالطبع من الجوانب المضيئة لهذا البرنامج ميزة تكوين القروبات الجماعية التي تقرب البعيد وتهيئ التواصل بين افراد الأسرة والأصدقاء وأصحاب المهنة والتوجهات.
ولكن ماحيلة من يود البقاء في هذه المجموعة أو تلك ؟ ليستأنس بأعضائها أو يتشاور معهم في أمراً مهم أو لا قدر الله خطباً ملم ، ويتم إقحامه في متابعة مأمن شأنه إضاعة وقته وتشتيت عقله خلف سراب يحسبه الضمأن ماء ؟!!
دمتم بود ..