بلا شك ان الاهتمام في الممتلكات العامة والحفاظ عليها واجب ديني قبل ان يكون وطني، و العكس صحيح.
فالاستخفاف والتهاون في مأمن شأنه إلحاق الضرر بها يعتبر مخالفة يعاقب عليها الشرع وكذلك النظام.
اما في قاموسي الخاص فأعتبره جريمة تستوجب العقوبة الحادة .
ذات مساء اتصل بي صديق طالباً مني الحضور بحكم عملي الأعلامي ، وعلى الفور توجهت اليه وأخذني لموقع صحراوي خالي من المارة ، وعلى قارعة طريق صحراوي أطلعني على جهاز وضع بشكل عشوائي وبدون حراسة أو حتى لوحات ارشادية توحي بأهميته أو ترشد للحفاظ عليه!
تعجبت من هذا الوضع والإهمال الفاضح ، وحاولت ان اجد خيط يوصل لأي معلومة تنبئ بخبر هذا الجهاز ، وإذا برقم جوال وضع على استحياء بجانب بطارية ذاك الجهاز .
وقمت على الفور بالاتصال به وكانت المفاجأة ذات العيار الثقيل، ان هذا الجهاز مخصص لقياس الزلازل والهزات الأرضية.
وقد دار بيني وبين صاحب الرقم حوار اتضح لي انه أحد المشرفين على مثل هذه الأجهزة ، وكان مفاد الحوار من طرفي ان الجهاز بهذا الشكل معرض للتلف أو العبث لموقعه الغير مناسب بالإضافة لبعده عن عين الرقيب الحسي والداخلي !
فنحن في الغالب شعب لم نصل إلى مستوى الوعي الذي يجعلنا نرتقي بالمحافظة على الممتلكات العامة والتي تقع امام وتحت ناظر الجميع ، فمابلنا بجهاز وضع في صحراء قاحله وبدون اي حراسه أو حتى حواجز بسيطة مانعه من الوصول اليه.
ووعدني صاحب ذاك الرقم مع عبارات جمه من الشكر بانه في الصباح سنتخذ اجراء يحول دون تعرضه للعبث أو السرقة.
وللأسف تفاجأت في صباح ذاك المساء باتصال نفس الشخص الذي دار بيني وبينه الحوار يفيدني بان الجهاز تم السطو عليه وسرقته وتم ابلاغ الشرطة بالواقعة ، ونحيطك علماً لعدم المفاجأة المسألة
هنا بدأ لي مشوار جديد مع كيف ولماذا ؟؟
وأصبحت انا الضحية في نظر القانون ولست اسف على ذلك فهذا اقل ما سأتحمله في سبيل واجب وطني.
وبغض النظر عن ماحصل لي فانا لا اعتراض لدي على المسألة لاني في كل الأحوال ان لم اكن متهم فانا قد اكون خيط من خيوط الوصول للجاني ، ولن يثنيني ذلك عن مواصلة دوري في حماية ممتلكات الوطن وعاهدت نفسي ان لا امرر الإبلاغ عن الإهمال مرور الكرام خوفاً من المسألة في اي حال من الأحوال.
في نظر الجميع استحق الشكر والذي في الأساس لم أنتظره مقابل واجب وطني.
ولكن ...؟
ولكن وهذا لب الموضوع:-
من المسؤول الأول في هذه الحالة عن تعريض مثل هذا الجهاز والذي يعتبر مال عام يجب المحافظة عليه وحمايته من عبث العابثين ممن لم يرتقي بعقله الخاوي من تصور ان هذه مصلحة عامة يجب ان يتم الحفاظ عليها من الجميع دون استثناء
المنطق والعقل والحقيقة تدين المسؤول الذي قذف في هذا الجهاز في صحراء قاحلة وعلى قارعة الطريق، والذي يعتبر عهدة وأمانة مسؤول عنها مسؤولية تامة ، دون حراسة أو في أقل التقدير وضع سياج مانع من عبث العابثين!
عزيزي القارئ قبل ان تفيق من هول الصدمة وهذه الحدث الذي قد يعتبره البعض خرافي ، وقبل ان تجيب على تساؤلاتي بمرارة وتدخل في صدمة جديدة.
فأيليك القاصمة ان كانت المعلومة صحيحة وليست مجرد تهويل ، فقد علمت من احد المشرفين على هذه الأجهزة والذي ادلى ببعض المعلومات في مخفر الشرطة ان قيمة الجهاز تقارب المليون ريال وانه يتم تثبيته لمدة (٢٤) ساعة فقط !
فإذا كان بهذه القيمة العالية ، وبقائة فقط لمدة وجيزة لا تتجاوز يوم وليلة ، فماهي المبررات التي تجيز لك ايها المسؤول ان تتركه بكل بساطة في الصحراء وعلى قارعة الطريق دون حراسة ؟ ثم تضع اللوم على العابثين !! وتحمل الجهات الأمنية عبء هم في غنى عنه وفي مهمات أكبر من ملاحقة تبعات تفريطك انت وغيرك بما أُكل إليك لا يتسع وقتهم وجهدهم لمثلها.
اسمحلي ايها المسؤول عن مثل هذا ان أقول لك ، انت طرف في الإفراط والتفريط بل انت من سهل مهمة العابث في ممارسة هوايته الساذجة بكل اريحية!
وقد قيل " المال السائب يعلم على السرقة "
عزيزي المواطن لنرتقي بوعينا الديني قبل كل شئ والذي يمنعنا من المساس بحقوق الأخريين مهما كانت صفتهم أو هيئتهم ، ثم لنرتقي بوعينا الحسي تجاه وطننا لكي لا نكون اضحوكة لبقية الشعوب ، وليكن داخل كلاً منا رجل أمن لحماية ممتلكات الوطن والتي هي في الأساس ملك مشاع للجميع ، ولنزرع ذلك في عقول ابنائنا منذ الصغر ، ونربيهم على مالا ترضاه لنفسك فلا تتعامل به مع غيرك ..
دمتم بود ..