دخل رجلان مكتب إحدى الجمعيات الخيرية .. وقف السكرتير لهما .. بل وقف لمظهرهما الجميل .. و ظن بأنهما من الدعاة
والمشايخ المعروفين .. رحب بهما ثم أدخلهما على مدير الجمعية.
لحظات ودخل السكرتير المكتب ليوقع بعض الأوراق .. و استمع إلى الحوار الآتي :
المدير : يا مشايخ والله ٣٥٪ كثير .. خلوها ١٥٪ و فيها الخير والبركة.
أحدهما : أبدا ما تكفي و لا جهدنا في إقناع الرجل ..
المدير: والله التزاماتنا كثيرة جدا و نحن بحاجة هذا المبلغ
الآخر: خلاص يا شيخ .. خلينا على ٢٥ ٪ في أول سنة وبعدها نرجع ٣٥٪
المدير : خلوها٢٠٪ في أول سنة ...
خرج السكرتير .. و بعدها بدقائق خرج الإثنان وهما يتمتمان : فيها الخير إن شاء الله .. ثم عاد للمدير و قال له : ما شاء الله صفقة مربحة .. أرض أم منزل !؟ المدير : لا أرض و لا منزل .. صدقة .
بعد أيام .. عاد الرجلان و لكن لم يجدا الترحيب نفسه من السكرتير .. و في الحقيقة - لم يكن يهمهم كثيرا - فكانا يحملان ظرفا صغيرا .. دخل السكرتير معهم .. أخرج أحدهم شيكا من الظرف و قال : هذه ٣٠٠ ألف ريال .. و ياليت تعطينا شيك ب ٦٠ ألف ريال قبل استلامكم لهذا الشيك .. التاجر فلان راعي خير و وعدنا بمثلها كل سنة .. الشيخ فلان اجتهد كثيرا و - لصقنا - بالتاجر في مكتبه وبيته و اتصالات و ذكرناه بفضل التصدق والتبرع لهذه الفئة .. و أخبرناه بعظم الأمر وأن الصدقة لا تنقص المال .. و الرجل رق قلبه مع اقتراب رمضان ..و ماقصر ..
مثل هذا المشهد يتكرر كثيرا .. في الصدقات و التبرع للجمعيات .. و الجمعيات مغلوب على أمرها .. فهي تقوم بجهد كبير في مساعدة الناس و تعاني من شُح الموارد .. ومثلهم سماسرة في الديات .. وهم كثر .. تجدهم مع كل حادثة قتل على تويتر يحثون الناس على مساعدة أهل القتيل في جمع الدية التي تصل بعضها ملايين الريالات .. و هم أنفسهم من أوصلها لهذا المبلغ .. لأن المبلغ كلما زاد .. زادت نسبهم و سمسرتهم.
و هذه الفئة - القبيحة - هم من يستغل ثقة الناس في مظاهرهم المتدينة أو في مراكزهم الاجتماعية بين الناس أو في مواقعهم الوظيفية .. وهذا الاستغلال سيؤدي مستقبلا إلى فقدان الثقة بين المعطي والمستحق .. و لهم في هذا الفعل مخارج شرعية كثيرة .. وبعضهم يسمي نفسه من العاملين عليها .. و يجوِّز لنفسه هذا الفعل ... فهل العمل على الصدقات يتم دون معرفة المتصدق ؟!
نقطة على السطر:
على المانح أن يبادر بنفسه و ألا يسمح لهذه الطفيليات أن تنمو و تتكاثر بسببه .. بل عليه بالاتصال بهذه الجمعيات و دعمها مباشرة
بالفعل ما نقص مال من صدقه .. ولكن الصدقة تنقص بسبب السماسرة .