في الحقيقة أن ما دعاني للكتابة في هذا الموضوع هو موقف من أحد المسؤولين مليء بلا مبالاة وعدم الاحترام والتقدير وتعمد الإهانة لشخص ما في مكان ما.
قال الله تعالى :
(تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير، الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسنُ عملًا وهو العزيز الغفور) صدق الله العظيم
فنحن جميعاً نعلم أننا خُلقنا من تُراب وسنعود حتماً إلى التُراب مهما كنا وكانوا فنهايتنا من حيث بدئنا أول مرة "فلماذا التعالي إذاً"
حتماً الجميع هنا يعرفون ويؤمنون بحقيقتهم بأننا جميعاً خُلقنا من مضغة من ماءٍ مهين وإننا سنكون يوماً جثةً هامدة وندفن في جوف التراب ويأكلنا الدود ويتمتع بمذاقنا "فلماذا التعالي إذا
مهما علوت أخي الإنسان في السماء فنهايتك ستُحط على الأرض في بطنها أو على سطحها كنت أميراً أو وزيراً أو غفيراً فأين الأنبياء والرسل وهم أشرف خلق الله إنسانا فأين الملوك وأين القادة وأهل الريادة والرياسة فلم أعد أسمع لهم رجساً"فلماذا التعالي إذاً"
خصوصاً إذا عرفت أنك وإن كنت وزيراً فأنت من قبل ومن بعد مواطن ستتقاعد يوماً أو ستموت فلن يعرفك أو يلتفت إليك أحداً مادمت سيئ الخُلق ومتجبراً ومتكبراً على منهم مثلك حملتهم أمهاتهم ووضعتهم كما حملتك أمك ووضعتك "فمن أنت ولماذا التعالي إذاً"
عرفنا وشاهدنا أمراء وعلماء أجلاء يتمتعون بخُلق عظيم وهم من هم فهذا أمير وإن لم يكن صاحب منصب وهذا عالمٌ شرعي يبقى أميراً أو عالماً حتى يضعوه في قبره.
لم تؤثر فيهم مناصب ولا رياسه فهم كما هم وكما عهدناهم ولو بعد حين وفوق ذلك صغُرنا أمام تواضعهم وخلقهم الجم واهتمامهم بكل إنسان يصادفونه مهما كان جنسه وعمله "فمن أنت ولماذا التعالي إذاً"
فالإنسان بدون خُلق كالجسد بدون روح وكالشجرة بدون ثمرة فأنت بدون خُلق وتواضع صفر مربع مهما كان شأنك ومالك ومنصبك قد تهابك الناس إتقاء شرك وهذا بنص الحديث من أشر خلق الله وأبعدهم عن الرسول الله صل الله عليه وسلم "فمن أنت ولماذا التعالي إذاً"
فياليت لنا في حديث أفضل من خلق الله من البشر عبرةً ، فهذا النبي صلى الله عليه وسلم على جلال قدره وعظمته ومكانته عند الله ثم عند خلقه :
لما رأى رجلاً مقبلاً يرتعد رهبةً قال - عليه الصلاة والسلام "هون عليك" فإني لست بملك إنما أنا ابن امرأةً تأكل القديد .أي اللحم اليابس" إذاً فمن أنت"
بقلم / عائض الشعلاني