هوى النفس هو ميل النفس وانقيادها نحو هواها
وقد سميت بذلك لأنها تهوي بصاحبها ، ولو أنها انتشرت بين الناس لفسدت الأرض
قال تعالى "ونفس وماسواها ، فألهمها فجورها وتقواها ، قد افلح من زكاها ، وقد خاب من دساها"
فقد ألهم الله سبحانه الإنسان الفجور و التقوى وجعل فيه العوامل والقدرة على إتباع أي منها ، ثم شاء سبحانه ان نشاء نحن ونقرر في نفوسنا ، أنزكيها ونكرمها او ندنسها ونقلل منها
فعدم تقويمها وتهذيبها له أسباب عدة و أصله ضعف الإيمان الذي يبعد عن التقوى ويقوي الركون للدنيا وحب شهواتها ثم الجهل بعاقبة إتباع الهوى ومايترتب عليها من آثار بالدنيا والآخرة
فإن الذي يسير في الظلام حتى ولو كان على الطريق الصحيح سرعان مايتعرقل ، فالعلم نور وثبات وحصنٌ حصين
يقول سيد قطب رحمه الله :
إن هذا الكائن "أي الإنسان" مخلوق مزدوج الطبيعة ومزدوج الاتجاه ، بمعنى أنه في طبيعة تكوينه : من طين الأرض ، ومن نفخة الله فيه من روحه ، وهو لذلك مزود باستعدادات متساوية للخير والشر، والهدى والضلال وهو قادر على توجيه نفسه إلى أيهما أراد
وإلى جانب هذه الاستعدادات الفطرية قوة واعية ، فمن استخدم هذه القوة في تزكية نفسه وتطهيرها وتنمية استعدادات الخير فيها وتغليبها على استعدادات الشر فقد أفلح، ومن ظلم هذه القوة وخبأها وأضعفها فقد خاب
إذًا فالإنسان صاحب قرار نفسه ، لذلك ينبغي له أن يعمل على إكمالها وتربيتها
فإنها تصاب بالأعراض التي يصاب بها البدن ، وتحتاج إلى رعاية ومراقبه
فكما ان تتابع حالتك الصحية فإن النفس تطلب متابعة التغذية بالإيمان والعلم والتطور
ومحاسبتها الدائمة لقوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد "
ولابد للإنسان أن يتعرف على الأخلاق الذميمة لديه وعلى مسبباتها حتى يمكنه معالجتها والتخلص منها ،
فإن الاعتراف بالمرض هو أول خطوة للعلاج
واختم بقول الغزالي رحمه الله :
اعلم أن أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك ، وقد خلقت أمارة بالسوء مبالغة في الشر فرارة من الخير ، وأمرت بتزكيتها وتقويمها وقودها بسلاسل القهر إلى عبادة ربها وخالقها ومنعها عن شهواتها وفطامها عن لذاتها ، فإن أهملتها جمحت وشردت ولم تظفر بها بعد ذلك.