لا أعلم كيف هي البداية أو النهاية لحدث جلل ومصاب عظيم بفقد عملاق الشعر مساعد الرشيدي ورحيلة عن الساحة الشعرية والثقافية والشعبية كما بدأها منذ أربعة عقود مضت مبتسما ودعها إيضا بابتسامة عريضة توحي وتفضي إلى روح التسامح وعدم الغرور والكبرياء،ومحاكاة مشاعر الناس وجمهوره بإطلالته الدائمة عبر تغريداته المطمئنة وأن الحياة مصيرها الرحيل مهما بلغ الإنسان من العمر أو وصل من المرتبة والمكانة.
وكأنه لا يأبه بما سيحدث من بعده والحياة ستستمر رغم ظروفها القاسية ورغم ما تخبئه الدنيا بحطامها الفاني،وعندما أتأمل كشخص من جمهور الشاعر الراحل ومتذوق لثقافته وأصالته وشاعريته الفذة أرى خيوطا تم نسجها بعناية في صفحة الشاعر مساعد سواء كانت في بداية مراحله الشعرية أم في نهاية حياته،وأنه متكيف مع الظروف التي ألمت بالساحة الشعرية مؤخرا وخاصة بعد ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وتغير ذائقة الجمهور للأبيات القصيرة تماشيا مع تويتر مثلا،ولذلك كان الراحل يصارع تلك الظروف والتي لم يعتمد عليها هو ومعاصريه في تلك الآونة،غير أن مساعد أعجز الظروف والقافية وغاص في بحر الكلمات والأوزان والقافية والتي شهد الجميع فيها من زملائه العمالقة ومن رواد الساحة الشعرية والذين لا يتسع المجال لذكرهم،فضلا عن سجله الحافل بتواجده دائما مع الأحداث في المجتمع والمناسبات،ولعل أبياته في جبران خير دليل على ذلك.
من هنا استنتج كواحد من معجبيه رحمه الله أن الشعر موهبة وفراسة وإلهام يختصها الله سبحانه لمن يشاء في خلقه،ولا بد من توظيفها في مجالات الحياة بشتى مقوماتها سواء كانت متمثلة بالمدح أو الرثاء أو الغزل أو أغراض الشعر المتعددة سواء كانت مباشرة كالصور الشعرية والفنية والإشارة إلى الرمزية في بعض المواقف وما يحمله ذلك الشعر في طياته لأعمق المعاني وجميل الصور والتشبيهات وجمال الكلمات،ويتجلى ذلك في شعر مساعد ليعبر عن مشاعره وأحاسيسه ومشكلاته وما يؤمن به ويروق له من أحداث.وما يظبط كل ذلك هو شعره الموزون وقافيته الصعبة والنادرة وما تلك إلا أساسيات الشعر العربي الذي بدأو به العرب منذ عصور أزلية وشعروا به فسمي شعرا كما تعلمون،من منطلق الوزن والقافية.
كما أن المقام يطول في تعداد أشكال الشعر وبحوره وأنواعه،لكنني أقتضب القول بأن الراحل مساعد قد طرق جميع أنواعها وأبدع فيها أيما إبداع.
من هنا تأبى أحرفي إلا تنثر ما يختزل بداخلي من حب ووفاء وإعطاء ولو الشئ القليل لنجم بات مضيئا للشعر النبطي بأنواعه.
رحم الله أبا فيصل رحمة واسعة وتجاوز عنه سيئاته وأدخله فسيح جناته،اللهم أجبر عزاؤنا وعزاء أهله ووطنه والخليج بأكمله، وجعلنا الله واياكم من الصالحين.والله نسأل حسن الخاتمة والثبات عند السؤال.
ولا إعتراض على قضاء الله وقدره.
بقلم: عبدالله محمد
ايميل: aljzerh20009@hotmail.com
تويتر : الحر الابي