ثمَّة كتب نمر عليها مرور الكرام، متناسين صفحة بمجرد قلبها إلى الصفحة التي تليها. وكتب أخرى نقرأها بتمعن ولكننا لا نستطيع أن نوافق على ما يوجد بها من أفكار أو نرفضها حتى. كما أن هناك كتب تضيف إلى معلوماتنا الكثير دون أن تسمح لنا بتناول قلم الرصاص وكتابة تعليق على هامش النص. ولكن هناك كتاب يجعلك تحس بالوحدة بعد الانتهاء منه. لأنه يسمح لك بإنشاء حوار داخلي مع مؤلفه تناقشه فيه، بل وتلتقف قلمك الرصاص لتضع خربشاتك على هامش النص.
إن القراءة المتواصلة دون انقطاع هي السر الذي يُغير المرء ويقلب حياته رأساً على عقب، بل وتفتح له الدنيا أبوابها. ولكن يجب علينا أن نتعلم كيفية القراءة. فالقراءة فن لا يجيدة إلا القادة كما يقول فولتير. فحين سؤل من سيقود الجنس البشري؟ أجاب: الذين يعرفون كيف يقرؤون. فمعرفة معنى القراءة مهم لكل فرد.
سألني أحد الأصدقاء بعد زيارتي في مكتبتي الخاصة. هل قرأت كل هذه الكتب؟ فأجبته: لا . فقال: إذاً أنت تحب المناظر وتبي الناس يقولون عنك قارئ. حينها علمت بأنه لا يجيد القراءة أو بمعنى أصح لا يعرف معنى القراءة. فليس المهم كم قرأت، المهم ماذا استفدت منه.
فالقراءة نمو للعقل واللسان- لأن معنى القراءة كبير فتحليلك لما حولك من أحداث هو فالأصل قراءة. وتفكرك في الكون وفي نفسك أيضاً قراءة. وعمليات الربط والاستنتاج والتحليل هي أيضاً من معاني القراءة.
إن قراءة الكتب ما هو إلا أحد أنواع القراءة، كما أن تحليل ما يتم قراءته هو أيضاً قراءة أعمق للكتاب. وإنشاء حوار داخلي مع الكاتب ومناقشته أو حتى التواصل معه ما هو إلا قراءة أعمق للكتاب وهو ما أشرت إليه في عنوان مقالي القراءة نمو للعقل… لأن النقاش يخلق الحراك الفكري والذي سيعود بايجابية كبيرة على عقلك. كما أن القارئ الإيجابي لا بد أن يحول الكلمات التي يقرأها إلى وعي. وهذا نمو للعقل أيضاً.
أما الجزئية المتعلقة باللسان، فهي تكبر وتتحسن بكثرة المقروء، فحين تقرأ كتاب ستتعلم مصطلحات لغوية جديدة، وحين تقرأ كتاب أخر بكل تأكيد ستزيد من رصيد المصطلحات الجديدة لديك، وبذلك سوف ينمو عقلك لاحتوائه على كم كبير من المصطلحات، وسيظهر نمو لسانك في حالة واحدة وهي الكلام. لذلك أقول القراءة نمو للعقل واللسان.
التعليقات 1
1 pings
ابن الجنوب
19/01/2017 في 8:42 ص[3] رابط التعليق
كما أن القارئ الإيجابي لا بد أن يحول الكلمات التي يقرأها إلى وعي…… تسلم الأنامل
(0)
(1)