الأحلام تمدني بسعادة غامرة .. بقيت أترقب مشاركتي في معرض جدة للكتاب كأول مشاركة لي في معارض الكتاب.. صدمني الواقع.. كانت ليالي المعرض باينة من عصاريها.. التنظيم يسبقه تخطيط والخطة التي وضعت لم يتم توفير متطلباتها فانعكست سلباً على التنظيم .. فحين تُترك الأمور للإرتجال ( يتبرجل ) كل شيء ( كما يقول أهل جدة ).. إليكم القصة.. بدأت أفيق من الحلم الجميل وسط زحمة لم أتوقعها فرضها الموقع؛ حيث لا بد لتصل إليه أن تمر عبر طريق واحد ضيق . ومما زاد الأمر صعوبة أن مواقف سيارات المشاركين كانت في الجهة المقابلة للموقع ، فأُجبرت على أن أقطع الشارع متجاوزاً أرصفة عالية حاملاً كتبي وبوستراتي مع سائقين استئجرتهم لحملها.. أوصلوها إلى البوابة وبعد ( سين وجيم ) تقتضيهما الاحتياطات الأمنية عبرت أنا وكتبي وبوستراتي البوابة .. فيما لم يكتب لي الوصول بكتبي إلى داخل المعرض فقد امتنع السائقون عن ادخالها لأسباب وجيهة .. كان عليّ أن أبحث عمن يوصلها إلى الموقع .. أشاروا علي أن أذهب إلى المدخل الرئيس للمعرض لأقابل المسؤول هناك.. ذهبت إليه ليخبرني ببساطة وبراءة بصعوبة توفير عربة لنقل كتبي وبوستراتي، ولكنه كان كريماً معي حين أوفد معي شاباً صغيراً محترماً يساعدني في مهمة البحث عن عامل فدخنا ( السبع دوخات ) إلى أن وجدنا أحد العاملين ومعه عربة. وبعد وصلنا إلى الموقع طلب مني الشاب نسخة من الرواية.. كان سعيداً بها لدرجة أنه أصر أن يطبع قبلة على رأسي .. جاءت قبلته لتواسيني على العناء الذي مر بي.. قلت نفسي: من أجل هذا القارئ تهون المصاعب .
كانت منصات التوقيع في مؤخرة الموقع بعيدة عن البوابات، ولا أدري ما الحكمة في وضعها هناك، أما جناح المؤلفين السعوديين فقد ظل ينتظر دون جمهور بعد أن وضِعت الكتب فيه بشكل بدائي ولم يعتنى بتنظيمها، ولم يمارس القائمين عليه أي دور لتسويق الكتب واستقبال الزوار.
كم كنت أحلم أن تكون منصات المؤلفين السعوديين في واجهة المعرض، ويتم الإعلان عن الحدث بصوت مسموع عبر بروتوكول رفيع المستوى .. كنت أتوقع أن تسلط عليه الأضواء.. كنت أتوق لأرى روايتي بارزة فوق الرفوف تستفز الجماهير الحاضرة .. كنت آمل أن يكون التكريم لائقاً بالمفكرين والأدباء .. كان التجربة محبطة جداً.
في معرض الكتاب - يا سادة – أدركت أننا في المؤخرة.. خارج اهتمامات المنظمين .. روايتي "طز" لم تكن حاضرة كما ينبغي في معرض الكتاب.. لقد غيبت كما غيبت "وعد" وغيرهما من الروايات والأعمال الفكرية المميزة .. البحث عن بديل أفضل لتدشين كتبي يبدو أنه خياري القادم خاصة وأنا أعيش فترة هوس فكري ؛ طالما أن المنظمين المعنيين بالثقافة في البلد لا يهتمون بالمؤلفين السعوديين ويرون أن دورهم في معارض الكتاب هامشي ، ويسعون لتقديمهم لقمة سائغة للناشرين لذا أقترح عليهم أن يتفقوا فيما بينهم ويستأجروا مكاناً لإقامة معرضاً خاصاً ، وأنا على استعداد لتبني الفكرة وتنظيمها بشكل مناسب والتكاليف ستصبح بسيطة ومن الممكن تجنبها ، بل وتحقيق دخل إضافي إذا استطعنا أن نوفر راعياً للمعرض ، والرعاة الذين يرحبون بالفكرة كثيرون ، خاصة والأمر يتعلق بالثقافة.. أعتقد أن الأقبال على هذه التظاهرة سيكون كبيراً.. عندها سيتخلى كثير من المؤلفين السعوديين عن الناشرين الذي ما برحوا يأكلون كعكتهم كاملة ولا يتركون لهم سوى الفتات.