عندما بدأت ترانيم الساعة تُعلن عن منتصف الليل .. قمت كالعادة بمحاولة ترتيب أوراقي واغراضي المبعثرة على مكتبي .. والتوجه إلى سريري للإبحار في عالم الأحلام .. ولكني لم أستطيع القيام بذلك !! والسبب لأن يوم الغد سيكون اليوم الموعود .. اليوم الذي انتظره الجميع بشغف .. وانتظرتُه (أنا) شخصياً بشوق .. حيث سيتم تدشين نادي أمانة العاصمة المقدسة للخطابة والقيادة، وهذا لم يكن (وليد صُدفة) .. وإنما نتاج مجموعة أعمال .. وأيام .. وساعاتٍ طويلة من التخطيط والتصميم .. إجتمعت لتحقيق رؤية واحدة مشتركة وهي :
(تطوير ثقافة العمل في أمانة العاصمة المقدسة .. عبر تعزيز مهارات "التواصل الفعاّل والقيادة")
ولترجمة هذه الرؤية إلى واقع ملموس .. كان لزاماً علينا المُضي جاهدين لتنفيذ رسالة عظيمة .. تختصرها ( قصةُ نجاح ) ..
فأنا لست بشاعرٍ ولا خطيب مفوّه .. وإنما إنسان تجسّدت في شخصيته (ملامح التصميم والإصرار لتحقيق أهدافه) .. فكانت البداية تصف حال ( شاب خجول حيّي ) أشبه بالانطوائي .. لا يستطيع المشاركة في (الحوارات الاجتماعية مع أقرانه) إلاّ نادراً .. ناهيك عن الوقوف (أمام جمهور والتحدُث ) ..
وما حدث بعد ذلك هو صدور قرار إداري من معالي أمين العاصمة المقدسة بتعييني مدير إدارة الإستراتيجية بتاريخ 29/3/1434هـ .
ومنذ ذلك الوقت .. وبإعتباري قائداً إستراتيجياً .. بدأت أرسم خُطُوات إنشاء هذا النادي .. حيث اشتركت بأحد البرامج التدريبية التي تختص بإدارة التغيير .. وكان جُلّ ما سمعته في هذه الدورة : (Telling Success Stories) .. أو بمعنى آخر ( سرد قصص النجاح ) ..
فكُنت طيلة الوقت أبحث عن آليات ومنهجيات .. لتحفيز زملائي الموظفين من (كافة إدارات أمانتنا الحبيبة) .. للإجتماع سوياً في مكان واحد .. وبشكل دوري .. لسرد (قصص التميز) لكل قطاع .. حتى يتم التعريفُ بها .. وتناقلها داخل مجتمع الأمانة وخارجه .. ولكن لم تتحقق هذه الفكرة وظلّت حبيسة مخيلتي .. ومضيتُ مع ركب الحياة .. أواجه تحديات العمل .. وأقارع (رهبة مواجهة الجمهور) ..
وفي أحد الأيام .. وصلت إلى مسامعي أحد المصطلحات الجديدة .. وهي (TED) وترمز إلى : (Talks Every Day ) .. وهي باختصار أن يقوم أحد المشاهير أو الناجحين .. بالتحدّث عن قصة نجاحه عادةً .. ولكن بترتيب وتنسيق .. وفي وقت يتم تحديدُه .. فوجدت ما أصبو إليه في هذا الأمر .. ومرة أخرى عكفت على البحث مراراً وتكراراً عن آليات ومنهجيات .. تمكنُني من تطبيق هذه الفكرة .. على أرض الواقع في الأمانة .. حتى يكون لدينا (برنامج خاص بمسمى) (TED AMANA).
وحقيقةً .. لم يكن هدفي الأول (من كل هذه الأمور) .. هو التخلص من مشكلة (رهبة مواجهة الجمهور فقط) .. ولكن كانت (غايتي الأسمى) .. هي أن أتعاون مع كافة الزملاء .. الذين يعانون من (نفس مشكلتي) .. حتى نتغلب على هذا (الكابوس المزعج) ..
وبينما أنا على هذا الحال .. التحقت بدورات (تنمية مهارات الخطابة) .. ولعل من أشهرها .. دورة (فن الإلقاء) للدكتور (فهد السنيدي) .. وكان من ضمن توصياته في نهاية الدورة .. الالتحاق بأندية التوستماسترز !! ولم يكن هذا المسمى في وقتها شائع (بالنسبة للعديد من الحضور) (وأنا من ضمنهم) .. فأصبحت بعدها أترقّب محركات البحث (للإستزادة والإستفاضة) عن هذا المصطلح الغريب ..
وبعدها .. وفقّني المولى عزّ وجلّ .. أن ألتحق بأحد أندية التوستماسترز في (مدينة مكة المكرمة) .. (كعضو و مؤسس) .. وكانت تقتضي خطة الإشتراك بالنادي .. تحقيق أحد أهداف رؤيتي الشخصية .. ألا وهي (تعلّم أساسيات الخطابة وتنميتها) .. ومعرفة المهارات المطلوبة وتطبيقها .. وذلك للاستفادة منها في (تحقيق الغاية المنشودة) .. وهي إنشاء :
(نادي للخطابة والقيادة) بأمانة العاصمة المقدسة ..
وبعد ذلك شاركت في مؤتمر ساتاك بمدينة الخبر .. وقابلت بعض الشخصيات القيادية في عالم التوستماسترز .. وعلى رأسهم الدكتور سليمان الماضي .. ومحمد القحطاني بطل العالم في الخطابة للعام المنصرم ..
وعند الرجوع لمقر عملي .. تم إعداد تقرير شامل ومفصّل عن (التوستماسترز) .. وعرضه على معالي أمين العاصمة المقدسمة .. (رجل التطوير الأول) (بأمانة التميّز) .. الذي لم يتوانى عن الترحيب بالفكرة والموافقة عليها .. وبذلك تكون أمانة العاصمة المقدسة .. أول أمانة (تُدشّن نادي التوستماسترز) .. .في خطوة إيجابية ومحفّزة .. لمنح موظفيها الأدوات اللازمة .. لتطوير مهاراتهم في مجال (الخَطَابة والقيادة والثقة بالنفس) ..
فالناجحون في التوستماسترز ناجحون في :
الاجتماعات - ورش العمل - المؤتمرات - الملتقيات - إدارة فريق العمل - إدارة الوقت - فنون الاستماع - تطوير لغة الجسد في الحديث، وهنالك برامج ومشاريع عديدة تتوافق مع مبادرة التوستماسترز ومنها :
- برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية .
- برنامج (إعداد القادة) التابع لمؤسسة محمد بن سلمان الخيرية مسك .
- برنامج خالد الفيصل لإعداد القيادات الإدارية .
- مشروع بناء الصف الثالث من القيادات البلدية بأمانة العاصمة المقدسة ..
وأخيراً أتى اليوم الذي أقف فيه لكي أنافس مارتن لوثر كينج .. الذي صرخ في عام 1963م بجملته الشهيرة (I HAVE A DREAM) ..
لأقول : (WE HAVE A TOASTMASTERS CLUB ) ليس حلم بل حقيقة ..
وبفضل الله أصبحنا اليوم نعيش (نادي أمانة العاصمة المقدسة للخطابة والقيادة) كواقع ملموس .. يملأه طموح .. ساعد على تحقيقه رجال أوفياء .. لم يتأخروا أبداً عن تقديم كل ما بوسعهم .. ليتحوّل هذا الحلم إلى إنجاز عظيم تم تشكيله ورسمه في أجمل صورة ..
في نهاية قصتي أودّ أن أختم بقوله تعالى :
(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ) ..
فهي (آية تحفيز) لكل من يريد خدمة (عمله ومجتمعه ووطنه) ..
المهندس/ أحمد محمد حسين بشاوري ..
رئيس نادي أمانة العاصمة المقدسة للخطابة والقيادة (مدير إدارة الإستراتيجية بالأمانة)