يمر كل إنسان بمراحل من اﻹخفاقات وألوان من الفشل في حياته وفق الظروف التي عاشها ، ومن لم يتجرع مرارات الفشل واﻹخفاقات فلن يتذوق حلاوة النجاحات التي يحققها ، فكيف نستثمر الفشل ، ونجعله سلماً للنجاح ؟؟؟!!!
لكي أستثمر الإخفاق في الوصول إلى النجاح يتعين علي التوقف عند المحطات التالية :
1 - تحديد موضع الفشل : بمعنى التشخيص الدقيق ، والتساؤل الواضح ، حول مواطن الفشل واﻹخفاقات ، وأماكن الضعف أو الرداءة أوالنقص أوالقصور ، هل الفشل كامن في التخطيط ؟ وفي أي مكان من التخطيط ؟؟! هل الفشل في اﻷهداف ؟ أم في المعلومات ؟ أم في اﻷشخاص ؟ أم في الموارد ؟ أم في الميزانيات ؟ أم في اﻷنظمة واللوائح والقرارات ؟ أم في التطبيق ؟ أم في التنسيق؟ أم في التنظيم ؟ أم في المتابعة ؟ أم في أكثر من موضع ؟ أم في اﻹمكانات ؟ ونحو ذلك ... وتطبق للكشف عن مواطن الفشل الملاحظات والمقابلات والاختبارات والاستبانات ، وهذه المحطة أهم مرحلة للتفتيش عن مكان الفشل لمعالجته للوصول إلى النجاح .
2 - تحديد أسباب الفشل : فإذا كان الفشل في اﻷهداف فهل ﻷن اﻷهداف غير واضحة أو غير محددة أو غير واقعية عملية ، وإذا كان الفشل في المعلومات فهل ﻷنها غير صحيحة أو غير منظمة أو لايمكن تطبيقها أو ﻷنها غير كافية ، وإذا كان الفشل في اﻷشخاص فهل ﻷنهم غير مدربين جيداً أو غير متحمسين ومقتنعين أو غير مناسبين للمشروع أو ﻷن مستواهم متدنٍ أو ﻷن عددهم غير كافٍ ، وإذا كان الفشل في الميزانيات فهل ﻷن الميزانية المخصصة قليلة أو ﻷن هناك هدراً فيها أو ﻷن هناك سوء إنفاق ، وهكذا .... فتحديد أماكن الفشل وأسبابها وجهان لعملة واحدة ، فلا جدوى لتحديد مواضع الفشل ما لم تحدد أسبابها ، ولا تحدد أسبابها إلا لمعاجتها للصعود إلى النجاح .
3 - تحديد طبيعة الفشل : هل الفشل في أكثر من موضع ؟ أم في موضع واحد ؟ وما مستوى الفشل ؟ وما نسبته ؟ وهل الفشل جوهري ؟ أم شكلي ؟ وهل الفشل يمكن تداركه في غمار تنفيذ المشروع ؟ أم لابد من الترتيب من جديد ؛ ﻷن الفشل متعدٍ إلى العناصر اﻷخرى ؟ إذاً لابد من معرفة طبيعة الفشل وتحديده ، ليكون التعامل معه هادفاً .
4 - الخبرات التراكمية : اﻹنسان الذي لا يستفيد من أخطائه وفشله لا يتقدم أبداً ، ﻷنه سوف يكرر أخطاءه ، ويجتر اﻵهات والحسرات ، ويبحث عن المبررات والمشاجب ليعلق عليها فشله ، وسوف ينحت من الصخور أعذاراً واهية ، من أجل تبرئة نفسه من المسؤولية ، ولكن اﻹنسان الذي يستثمر تلك اﻷخطاء والعثرات والفشل ، ويصنع منها سلماً للنجاح لا يكرر أخطاءه ، بل يجعل تلك اﻷخطاء والفشل وقوداً ﻹشعال الهمم ، وقدح زناد العزائم ، ونفث الروح الشامخة ، وإذا ارتكب الخطأ مرة تلو المرة فلا ييأس ولايحزن ، ولا تزيده تلك اﻷخطاء واﻹخفاقات إلا عزيمة ومضاءً وإصراراً ، فلولا الفشل ما كان هناك نجاح ، ولولا اﻹخفاقات ما شعر المرء بحلاوة الانتصار ، والإنسان الواعي يثمن اﻹخفاقات ويتعلم منها الدروس والعبر ، واﻹنسان السلبي يولول ويندب حظه ، ويتحول الكون أمام ناظريه غمامة سوداء ، وتضيق به اﻷرض بما رحبت .
5 - الاستشارات العلمية : الاستشارات مهمة في تحقيق النجاحات والانتصارات ، والاستشارات لها أصول وقواعد ، ومبنية على أسس علمية ، وليس المهم أن تستشير ، بل المهم من تستشير ، وكيف تستشير ، ولماذا تستشير ، فقد تستشير من ينزلك إلى اﻷرض السابعة في أسفل سافلين ، وقد تستشير من يرفعك إلى ما فوق السحاب ، قد تستشير من يخذلك ويوهنك ؛ ﻷنه يعيش في ظلمات السلبية واليأس والقنوط ، وقد تستشير من يرفع همتك ، ويشحذ عزيمتك ، ﻷنه إيجابي ذا روح عالية ، والاستشارة لابد أن تكون في مكانها الصحيح ، ووقتها الصحيح ، ومجالها الصحيح ، لتحقق أهدافها ....
أمثلة تطبيقية فردية للفشل :
1- قد تتزوج ، فتفشل في زواجك ، وقد يكون السبب في عدم صحة المعلومات عن الزوجة ، أو لم تجمع المعلومات الكافية ، أو عدم توافر السمات التي تطمح إليها في الزوجة ، أو لكون الزوجة لم تجد فيك السمات التي تطمح إليها ، بحكم أن تخطيط الزواج من الطرفين ، أو نحو ذلك .
2 - قد يستمر المعلم طوال سنوات عمره في التدريس يستخدم طرائق تدريسية غير مجدية ، ولا تحقق التحصيل الدراسي المطلوب ، فهذا المعلم يكرر أخطاءه التدريسية ، ولايستفيد من اﻷخطاء ، ويستمر فشله في التدريس ، فيندب حظه ، لكن لو اتخذ من فشله سلماً للنجاح في تدريسه لحقق إنجازات تعليمية رائعة .
3 - التاجر الذي يخفق في تجارته ، فيستفيد من إخفاقاته ، ويراجع حساباته ، فيعيد النظر في الخطة ، ويدرس الخيارات المطروحة لديه ، ويرصد الجدوى ، ويسبر وضع السوق ، ويفحص إمكاناته جيداً ، و يدقق في حجم البضاعة ، ويعالج مكمن الخطأ ، ويحسن الاستشارة ، فإنه يصير تلك اﻹخفاقات سلماً للنجاح في تجارته ....!!
أمثلة تطبيقية عامة للفشل :
1- بعض المشروعات التي يخصص لها مبالغ مالية ضخمة ، ولا يستثمر إلا جزء قليل من المال المخصص لإنشاء تلك المشروعات بسبب الفساد اﻹداري ، فتكون المشروعات متهالكة مهلهلة ، تفضح الفساد إبان اﻷزمات .
2 - رسم إستراتيجيات تعليمية طموحة ، لكن بعض المسؤولين عن التعليم لا يلتزم بتلك الاستراتيجيات ، فبعض المسؤولين يحاول أن يثبت ذاته ، بأنه قد غير وأجاد ، ويبرهن عن وجوده ، فتبقى تلك اﻹستراتيجيات غير منفذة ، بسبب التباين بين وجهات نظر المسؤولين عن التعليم نحو التطوير ، بدلا من الالتزام بتلك الإستراتيجية في خطوطها الرئيسة على اﻷقل ....
3 - اعتماد بعض المشروعات الخدمية ، وتخصيص مبالغ ضخمة لها ، لكن في أثناء التنفيذ لا يتم الالتزام بالعقود المبرمة ، فيأتي التطبيق غير ملتزم بالمواصفات المطلوبة ، سواء في نوع المواد المستخدمة ، أو طريقة التنفيذ ، أو الالتزام بالوقت المخصص ، أو وجود ظروف طارئة ، أو نحو ذلك ، فيكون سبب الفشل عدم المتابعة والتطبيق السليم للخطة المرسومة للمشروع ، بسبب الفساد اﻹداري ....والله الموفق .
المشرف التربوي : عبدالعزيز بن محمد المقوشي .
إدارة تعليم محافظة البكيرية .