في قاعة دراستي قال لنا الدكتور : هل تم تحريم المنكرات لسبب ضررها على صحة الإنسان ؟ جميعنا اتفقنا على أن الإجابة نعم ، و لكن مباشرة قال لنا الدكتور : هناك أموراً محرمة لكن يتم فيها إتباع طرق صحية فتتجنب ضررها على الإنسان لماذا تحرم ؟
فجميعنا توقفنا عن التفكير مباشرة و بدأنا نضحك بسبب أن مقياسنا لأمور حياتنا لا تتعدى معرفتنا بديننا إلا بشكل سطحي جنة و نار و بالتحريم و التحليل دون معرفة السبب الحقيقي و العلة له للأسف ، فقال لنا الدكتور : القران و السنة أحكامهما أعمق . و هنا فعلاً بدأت أفكر أن ما عُلمناه أحياناً من بعض المعلمين في نواحي ديننا هو الأخذ بالشكل المادي للأسف و إهمال الجانب الروحي للمؤمن الحقيقي الذي يجعل من فكره منفتحاً على الحياة و يفهمها جيداً في ضابط الدين .
(٢)
عزيزي القارئ لن تكون لديك إلا حياة واحدة فأحسن إدارتك لها و تعامل معها كيفما تراها تناسب معتقداتك و لا تسلم فكرك للجميع و لا تأخذ من العاقل إلا نصف كلامه كما يقال ، عندما يصبح فكرك مقيد و فارغ تماماً سيكلفك الشيء الكثير في حياتك ، و لأننا مسلمين نحن نتعلم في كل يوم و ننظر للحياة أنها الدنيا الأولى و هناك دنيا آخره سنعيش فيها و نكافئ بها وفق ما عملناه في دنيانا الأولى .
(٣)
عُلمنا أن القران جنة و نار و هو أعمق من هذا ، و عُلمنا أن سنة رسولنا عليه السلام تحلل و تحرم دون أن نعرف لماذا ؟
و كانت المحصلة عقول تتشرب تلك الأمور الشرعية بلا أفكار بلا فهم علمي صحيح ، و أصبحنا معرضين للانحرافات الفكرية و الأخلاقية في أي وقت لأننا لم نعلّم أن الدين فكر عميق و علم و عمل به في كل شتى مناحي الحياة بل تعلمناه بسطحية تامة إلى أن أصبحنا غرباء كثيراً على ديننا و أحكامه و تطبيقه في أمور حياتنا ، الدين أتى لنا في قواعد تكيف الإنسان و تجعل منه إنسان طبيعي صاحب مبدأ و فكر ليصبح قوياً أمام أي فكرة هدامة و سلوك خادش و يعرف كيف يواجهها دون استسلام و تكون صاحب حجة .
(٤)
عندما ننظر للقران نجد فيه المواعظ و الحكم و جامع لكل علوم الحياة و فيه تربية فكرية و جسدية و صحية و ليس يقتصر على ما نظنه جنة و نار و لا نعلم ما بينهما من أمور نفعلها لكي نكرم أنفسنا في الدارين !
(٥)
( وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ) هذا الخطاب الرباني من الله عزوجل عندما قال له نبينا إبراهيم عليه السلام كيف تحيي الموتى ، هنا تأكيد على البعد في تعليم ديننا أنه دين مناقشة و تبرير و دحض للشك
و ليس جنة و نار دون أن نعلم خارطة الطريق الصحيحة فنضيع و نشقى !