التخطيط مصباح ينير لنا الطريق في الظلمات ، وأداة فاعلة في استبصار خطى المستقبل ، ووهج يشع إرادة وتصميمًا وإنجازاً ، فهل نحن أمة تخطط في شؤونها الخاصة والعامة ؟؟!! هل نحن تربينا على التخطيط ؟؟هل نرسم أهدافنا ؟؟ هل نمتلك رؤى ؟؟ هل نبني برامج عمل ؟؟ هل نساهم في تهيئة الظروف واﻹمكانات من أجل إيجاد جو صالح للتخطيط ؟؟ هل ندرس احتياجاتنا بدقة ؟؟ هل ندرس الواقع والتحديات ؟؟ هل نمتلك قيماً ومثلاً ورسائل إيجابية ونحن في غمار معركة التخطيط ؟؟ هل درسنا قدراتنا المادية والبشرية قبل عملية التخطيط ؟؟ هل درسنا المخاطر والمفاجآت والعقبات ؟؟ هل نمتلك بدائل وخيارات يمكن استثمارها للتقليل من اﻷضرار المحتملة ونحن نخطط ؟؟ هل ، هل ، هل .....
لماذا لا يدرب المعلم طلابه على عمليات التخطيط ؟؟ لماذا يفرض على طلابه أوامره ولا يدعهم يفكرون ؟؟ ماذا يضر المعلم لو درب طلابه على تخطيط الدروس ، وكيفية معالجتها باﻷسلوب التعلمي النشط المناسب ؟؟ ماذا يضيره لو درب طلابه على التخطيط من خلال معالجة بعض الدروس بواسطة المشروعات والنشاطات الجماعية وفرق التعلم ؟؟ لماذا لا يخطط المعلم تخطيطاً مستقبلياً في إجراء عدداً من الاختبارات والواجبات والنشاطات التي سوف يطبقها من بداية العام الدراسي في ضوء طبيعة المادة الدراسية التي يدرسها ؟؟ لماذا لا يساهم المعلم في تدريب طلابه قبيل اﻹجازات على كيفية استثمار اﻹجازة والتخطيط لها واﻹفادة من أوقات الطلاب من خلال رسم اﻷهداف والبرامج ، ومن ثم يناقشها معهم بعد عودتهم من اﻹجازة ؟؟؟!!! لماذا لا يساعد المعلم طلابه في تنظيم البرامج اليومية التي تنقضي ارتجالاً دون تحقيق أي نتائج ؟؟؟ لماذا لا يساهم المرشد الطلابي في مساعدة الطلاب على معرفة ميولهم وقدراتهم ومواهبهم لاستثمارها في عمليات التخطيط ؟؟ أين دور المرشدين الطلابيين من طلابنا الذين يتخبطون بعد تخرجهم في المرحلة الثانوية في أقسام الكليات الجامعية ؟؟ لماذا لم يساعدهم المرشد الطلابي في تحديد اﻷقسام والكليات المناسبة لهم بناءً على قدراتهم العلمية وميولهم النفسية ؟؟ أين دور مدارسنا في تدريب طلابنا على عمليات التخطيط المستقبلي ؟؟!! لماذا لا تخصص ملفات طلابية من المرحلة الابتدائية حتى نهاية المرحلة الثانوية لرسم معالم المستقبل بناءً على القدرات والميول لمساعدة الطلاب في تحديد التخصصات المناسبة لهم ؟؟!! هل أنت أيها القارئ الكريم تخطط لمستقبلك ؟؟ ماذا ستفعل غداً وبعد غد وبعد شهر وبعد شهرين وبعد سنة وبعد عشر سنوات ؟؟؟ إن كنت ستقول لا أدري فأنت لا تخطط ، بل تعيش معيشة ارتجالية ، معيشة غير منظمة ، معيشة لا تليق باﻵدمية ، معيشة ننزهه آدميتك منها ، فأغلب الناس - مع كل أسف - يعيش بالبركة ، وأيام حياته عبارة عن روتين ممل ، وليس له دور في تشكيل مستقبله ، ولا لديه رغبة في استشراف ذلك المستقبل ، ولا يستطيع قراءة إرهاصات الحاضر ، بل بعض الناس غير قادر على فهم ذاته ، ينجرف مع اﻷقوى انجراف اﻷعمى ، وينساق مع اﻷمضى انسياق الحمقى ، غير قادر على تحديد أهدافه المستقبلية ، ولا تحديد غاياته ، وكأنه ينتظر اﻷحداث والظروف تشكل مستقبله ، لا دور له في رسم حياته القادمة !!! هل اﻷب مع أولاده داخل اﻷسرة يساعد على التخطيط من خلال إشراك أولاده في صناعة القرارات التي سوف يتخذها وتستهدف اﻷسرة ؟؟!! هل يفصل اﻷب شؤون أولاده ويطلب منهم أن يلبسوا دون إرادتهم واختيارهم ؟؟ هل يساعد أولاده في إدارة الذات ﻷولاده ؟؟ هل يستشير أولاده في كيفية استثمار الوقت واﻹجازات وقضاء البرنامج اليومي في أثناء الدراسة ؟؟ هل يناقش الوالد أولاده في مستقبلهم وكيفية الاستعداد له ؟؟!! هل نحن نمتلك عقليات تخطيطية أم عقليات ارتجالية عشوائية ؟؟ هل أغلب الدول العربية في هذا العصر ، عصر الانفتاح يخطط مع مواطنيه في مشروعات التنمية ، ليساهموا عن جدارة وانتماء في تلك المشروعات التنموية ؟؟ هل يستشار المواطن في أغلب الدول العربية في القرارات التي تستهدفه ؟؟ هل يستشار في قرارات التعليم واﻹعلام والتجارة والاقتصاد والمصالح الخدمية في الكهرباء والمياه والاتصالات والسكن والوظائف ونحو ذلك ؟؟؟؟!!! هل نحن أمة تحترم التخطيط وتربي أبناءها عليه ؟؟ أليس التخطيط يحقق لنا اﻷهداف المرسومة ويوفر الجهود واﻷوقات واﻷموال ويبني القيم والمهارات ؟؟؟ إذن لماذا نهمشه ، ولا نلقي له بالاً ، ولا نمنحه ما يستحق من تدريب وتأهيل وإمكانات وجو مناسب ؟؟ أليس الدين الإسلامي يساعد المسلمين على التخطيط وتنظيم اﻷوقات ؟؟ فلماذا يعد غير المسلمين هم الذين يجيدون التخطيط ، وأما المسلمون فلا يحسنون التخطيط في حياتهم وشؤونهم ؟؟!! أليست شعائر الدين من صلاة وزكاة وصيام وحج بنسكه الثلاثة تهيئ المسلم ليخطط ويرسم ملامح مستقبله ؟؟ أليس القيام بهذه الشعائر يحتاج إلى تخطيط وتدبير وإعمال فكر ؟؟ فلماذا لا نستثمر هذه اﻷركان اﻹسلامية لنتدرب على منهجيات التخطيط ؟؟ إننا في هذا العصر وفي هذه الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا نحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى التخطيط والتدبير والتجهيز ، لنقف وقفة تستحقها بلادنا بلاد الحرمين الشريفين ، تتضمن هذه الوقفة رص الصفوف ، وجمع الكلمة ، والترفع عن الخلافات الشخصية والهامشية ، وتوحيد الجهود ، ومحاربة الشائعات ، والطاعة والسمع لولاة اﻷمر في غير معصية الله ، ﻷن طاعتهم عبادة نتعبد الله بها ، ﻷن اﻷعداء من قوى الشر يتربصون بهذه البلاد شراً ، ويخططون لتحقيق مآربهم الشريرة ، واﻷعداء ماثلون للعيان اﻵن ، وقد أفصحوا عن نواياهم ، فماذا أعددنا لهم في المقابل ؟؟ ماذا خططنا بصفتنا أمة إسلامية يراد بها الشر ؟؟ أنا متأكد من إخلاص شعبنا ووفائه لوطنه ، وأراهن على ذلك ، لكن يحتاج هذا الوفاء واﻹخلاص إلى امتلاك مهارات معنوية وحسية ، ومن المهارات المعنوية اﻹيمان بالله أولاً ، واليقين بوعده إذا نصرناه ، ثم الثقة بالنفس ، ومحاربة الهزائم النفسية والشائعات ، والتضحية من أجل الدفاع عن بلاد المسلمين ، وتوحيد الصفوف والجهود ، ومن المهارات الحسية التجنيد اﻹجباري للشعب والتدريب على فنون أسلحة الدفاع عن الوطن اﻹسلامي ، ومن التخطيط الجماعي اتحاد دول الخليج العربي الذي نادى به الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - واتحاد الدول العرببة واﻹسلامية مع بلادنا - إذا لزم الأمر - للدفاع عن بلاد الحرمين الشريفين ، فالتخطيط مهم ومن ضرورات الحياة ، وفي هذه الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا من باب أولى ، وإذا تربينا على التخطيط أصبحنا لا نستغني عنه بأي حالٍ من الأحوال في أي شأن من شؤوننا ، فمن أراد الزواج أو التجارة أو الوظيفة أو الدراسة أو نحو ذلك فلابد أن يخطط جيداً ، ليحقق أهدافه ، ومن التخطيط جمع المعلومات ، ورسم اﻵليات ، ورصد الموارد والميزانيات ، ودراسة الجدوى واﻹمكانات ، ومن التخطيط الذي يتفرد به المسلمون عن بقية اﻷمم والشعوب التخطيط للآخرة ، ماذا قدمنا لها ؟ ولماذا لم نقدم ؟ وما نوع الزرع الذي سقيناه واعتنينا به ، لنحصد ثماره عند ربنا سبحانه ؟ ماذا فعلنا بأموالنا وشبابنا وفراغنا وصحتنا ؟؟ كل هذا يدخل في صميم التخطيط ، ﻷن ديننا الإسلامي دين عظيم يجعل من المسلمين عظماء في كل مجالات الحياة ...والله أعلم .
المشرف التربوي : عبدالعزيز بن محمد المقوشي
إدارة تعليم محافظة البكيرية .