إلى وقت قريب، وأنا أعتقد أن لا أحد يستطيع أن يملأ مكان وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل – رحمه الله- وبعد أن تم تعيين معالي الوزير عادل الجبير، استبشرت به كثيراً؛ فهو ينتمي لمدرسة الفيصل السياسية، لكن في الوقت ذاته كان يتملّكني ذلك الشعور الذي يعيشه كثير من السعوديين أن سعود الفيصل ليس له خلف.
وزير الخارجية عادل الجبير منذ تعيينه وهو ينتهج سياسة واضحة، تجعل كل سعودية وسعودي يملؤهم الفخر تجاه هذا الرجل الذي يرتكز عمله على السياسة الخارجية. تصاريحه النارية الواضحة والتي تحمل رسائل مباشرة ليس فيها تسويف ولا مواربة، ليُمثل من خلالها الشكل الجديد للسياسة السعودية التي لا تقبل أنصاف الحلول، ولعل أبرزها الملف الإيراني والتأكيد على أن دولة إيران التي يحكمها الملالي هي دولة عدوّة بالدرجة الأولى.
تمثيل عادل الجبير للسياسة الخارجية السعودية تمثيل مُشرِّف بكافة المقاييس، لكن ذكاءه وسرعة بديهته هذه قصة أخرى تجعل الشعور بالفخر تجاه هذا الرجل مُضاعفاً، ولعل ما حدث مؤخراً في معهد تشاثام هاوس بلندن، عندما وجّه له أحد الصحافيين سؤالاً عن تأخر المملكة لمدة 300 عام في تعيين وزير خارجية من خارج العائلة المالكة، فأتى رد الوزير الجبير مُحنكاً بذكاء وسرعة بديهة لا تخلوان من السخرية اللذيذة بأنه لم يكن هناك مُسمى وزير خارجية قبل 300 سنة ليقابل رده بالتصفيق والإعجاب ليس على مستوى الحضور فقط، بل على مستوى العالم الذي شاهد ذلك الفيديو بهذه الإجابة النموذجية، والتي أتمنى أن أرى كل وزير بهذا الذكاء وهذا المنطق بعد أن كشفت لنا مواقع التواصل الاجتماعي ضحالة – بعض- المسؤولين وأجوبتهم الخالية من اللباقة والكياسة.
الوزير عادل الجبير يجب أن يكون مدرسة يتعلَّم منها البقية، وأن يكون فكره وذكاؤه منهجاً يُقاس عليه تعيين الوزراء، فهذا الرجل رفع سقف تطلعاتنا ورؤيتنا للوزراء، ولا أظن من السهل أن ينزل سقف طموحاتنا عن هذا المقام، خصوصاً في الوزارات التي تعتمد على لغة الوزير وأسلوب تصريحاته، فكم من وزير رائع إلا أن أسلوبه وتصريحاته هي ما يثير استفزاز الناس، فتطير هيبته في سماء الهشقة!