هل نحن أفضل من موسى عليه السلام ؟!
قطعا لا .
وإنما سؤال يراد منه التعجب والإنكار، والغرض هو التعرض للفتة تربوية مهمة
حدثت لموسى عليه السلام خلدها القرآن الكريم إلى يوم القيامة في سورة كريمة
رغب الرسول صلى الله عليه وسلم في قراءتها كل يوم جمعة فأراد المولى عزوجل أن يبقى ذلك الدرس التربوي نبراسا لكل طالب علم ولغيره .
طلب كليم الله موسى عليه السلام من الخضرأن يتبعه لتعلم بعض العلم منه ، مع أن موسى عليه السلام أعلى مرتبة ومنزلة عند الله فهو عليه السلام من أولي العزم من الرسل : (( هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا )) فاتخذ موسى عليه السلام من الخضر معلما له وهنا يرشدنا الله سبحانه أن العلم له منزلة سامية ومكانة عالية ومن كان له دور في تعليم الناس يجب أن يكون محل إجلال وإكبار، مع أن التابع أفضل من المتبوع في هذه القصة .
ونلحظ هنا تأدب موسى عليه السلام في طلبه التعلم من الخضر ( هل أتبعك ) بصيغة السؤال ، ليجعل خيار القبول والرفض متاحا بيد الخضر .
ثم قال ( ستجدني ان شاء الله صابرا ولاأعصي لك أمرا ) فأظهر موسى عليه السلام استعدادا لالتزام الطاعة والصبر ، وهما صفتان لابد من توافرهما في المتعلم ، طاعة المعلم والصبر على التعلم وما يلاقيه من أذى ومشاق وتوبيخ أحيانا من المعلم لمصلحة المتعلم .
أما في زماننا هذا فقد انقلب الدرس التربوي في الآية الكريمة رأسا على عقب ، فقمنا نعد العدة ونجيش ما استطعنا من وسائل وأدوات لمحاربة المعلم الذي علمنا زمنا ما وعلم أولادنا وبناتنا .
وماتلك الهجمات الشرسة إلا من أجندة حاقدة تعاضدها أياد ناكرة هدفها الأول أن يبقى هذا الوطن متخلفا في تعليمه عن باقي الدول الأخرى ، فإذا سقطت ورقة التعليم سقطت بعده جميع الأوراق في الطب والصناعة والزراعة وغيرها ..
فبإسقاط المعلم يسقط التعليم فيهوي المجتمع إلى القاع فتفسد البذرة الأولى وهو الفرد ، وهو غاية المتربصين بهذه البلاد .
وهنا أشير إلى ثلاث منصات هدامة ساهمت ولازالت تجاهد للإطاحة بالمعلم وهي :
أولا: الإعلام
وعليه النصيب الأوفر فما أن يقع بعض الخطأ والزلل من المعلم إلا ويستنهض الإعلام طاقاته للتركيز عليه ووضعه تحت عدسة مكبرة وتكبيره مئات المرات وكأن هذا المعلم أتى من كوكب آخرلا يمكن أن يخطئ كباقي البشر .
حتى إنني أذكر صحيفة الكترونية مشهورة نشرت خبرا بعنوان ( معلم يضرب زوجته ) ! وكانت الحادثة في مكة المكرمة ، بينما لو صدر نفس ذلك الحدث من شخص آخر لقالوا ( مواطن ) .
ثانيا : وزارة التعليم
فبقراراتها التعسفية والمتسلطة ضد المعلم خلقت من المعلم روبورتا آليا بلا مشاعر وأحاسيس فحملته ما لايحتمل وألقت عليه أعباء ومهام زائدة على عمله الأساس صرفته عن الإتقان في عمله الذي عين عليه وهو التدريس . واتخذت هي كذلك من هفوات فئة قليلة ذريعة للوقوف ضد المعلم .
ثالثا : الأسرة
فهي النواة الأولى في المجتمع ، فإن صلحت صلح المجتمع وضده بالضد .
إن على الوالدين مسؤولية كبيرة في تعليم وتربية أطفالهم على احترام المعلم وتقديره وتعظيم دوره الذي يقوم به ، فمتى ما استشعر الطفل قيمة المعلم زاد
حرصا على العلم والتعلم .
رجاء : اتركوا المعلم يؤدي رسالته إن كنتم محبين لوطنكم .