كل ما يمكن أن يقال عن وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض قد قيل بالفعل وامتلأت به صحف العالم ووسائل التواصل الاجتماعي بكل اللغات الحية والميتة.. ولأن الحرب نصفها كلام وأقاويل فقد صدم ترامب العالم أجمع بقدرته على بطح الوحش الكبير الذي يسمى الإعلام والذي لم يترك دربا لإسقاط الملياردير المتعجرف إلا وسلكه.. كل شيء واجهه ترامب من الإعلام كان بإمكانه إسقاط أقوى المرشحين وأكثرهم جاذبية للجمهور.. وصل الأمر إلى درجة تسريب تسجيلات تفضح تحرشاته الجنسية بالنساء.. وامتدت المعركة الإعلامية الشرسة لتشمل مؤسسات استطلاع الرأي التي جزمت بخسارته الانتخابات في محاولة للتأثير على مشاعر الناخبين.
وفي كل مراحل هذه المعركة الشرسة كان ترامب يستخدم سلاحا واحدا ثبتت فعاليته في هذه الانتخابات.. وهو الكلام الشعبوي العنيف.. كلما اشتد الخناق الإعلامي من حوله كلما زاد ضغطه على النزعة اليمينية الخفية الكامنة في نفوس قطاع عريض من الناخبين.. كان مستعدا لكل شيء: التجريح الشخصي على الملأ.. الردح على صفحته في موقع تويتر.. إطلاق الاتهامات على خصومه دونما حاجة إلى دليل.. وكانت وسائل الإعلام تتلقف كلامه العنيف وتنشره كدليل على جنونه دون أن تدرك أنها جعلت هذا الكلام العنيف أعلى من أي صوت آخر لحظة الانتخاب.
اليوم بعد أن احتفل ترامب بانتصاره يجد نفسه متورطا في إزاحة تبعات كلامه العنيف.. فإذا كان قد هدد أثناء الانتخابات ببناء سور على حدود الولايات المتحدة من المكسيك لمنع تدفق المهاجرين فإن نتيجة هذه الكلمات اليوم تضاعف طلبات الهجرة إلى كندا إلى درجة أن الجارة الشمالية أصبحت تفكر في بناء سور يفصلها عن الولايات المتحدة تحسبا من تدفق اللاجئين!.. هذا بخلاف التظاهرات التي تجوب شوارع المدن الأمريكية معبرة عن رفضها لنتيجة الانتخابات وكذلك تصريحات الحلفاء الأوروبيين التي تكشف عن قلق واضح.. ولهذا قد يحتاج ترامب إلى جهد مضاعف للتخفيف من التبعات الكثيرة لكلامه الشعبوي العنيف الذي كان أمضى أسلحته في معركته الانتخابية الطاحنة ولكن أغلبه غير صالح للاستخدام في عالم السياسة.. ومن المعلوم أن فن التهدئة وما يتخلله من عبارات ماكرة (لزوم الترقيع) أشد صعوبة من إنتاج الكلام العنيف الذي لا يحتاج مجهودا كبيرا في غالب الأحوال.
**
تلقيت رسالة من هيئة مكافحة الفساد (نزاهة) ردا على ما نشر في هذا العمود أمس تحت عنوان (حراس الشكليات) والتي تطرقنا فيها إلى دراسة الهيئة التي قالت إن ضعف الوازع الديني السبب الأول للفساد، وجاء في رسالة التوضيح: «نوضح لسعادتكم بأن الهيئة ووفقا لتنظيمها تجري دراسات سنوية، وكانت الدراسة التي أشرتم لها هي آراء لعينة عشوائية من الموظفين والمراجعين استطلعتها نزاهة في 2015 م، عن أسباب الفساد المالي والإداري في الجهات الحكومية الخدمية».
نقلا عن “عكاظ”