منذ أكثر من عشر سنوات من الحصار الإسرائيلي المحكم على قطاع غزة ، وما تلاه من إنهيارات في كافة القطاعات الأساسية ، الاقتصادية والصناعية والصحية والاجتماعية والسياسية ، تكللت بإنقسام بين شقي الوطن "الضفة الغربية وقطاع غزة" ، يتطلع الغزيين إلى بصيص أمل يكسر الإغلاق المحكم ويُوفّر متنفس لهم من أجل مواصلة العيش بأدنى "الكرامة" الإنسانية التي تتمتع بها شعوب العالم ، ويأملون أن يُؤسس لمرحلة جديدة تساهم في حل كافة الإشكاليات التي يعاني منها القطاع ، خصوصًا الكهرباء ، والبطالة ، والمياه ، وإعادة الإعمار ، والتحكم في تصاريح التجار ورجال الأعمال ، وسفر الحالات الإنسانية والطلبة وغيرها من المشاكل التي تعد أساسية ويتألم منها المواطن والمسؤول بشكل مباشر .
أسس مؤتمر العين السخنة الأسبق الذي ضم عددًا من المفكرين وأعضاء المجلس التشريعي وقيادات الفصائل الفلسطينية إلى مرحلة جديدة في العلاقة مع الأشقاء في جمهورية مصر العربية ، بعد أن شهدت العلاقة نوعًا من الفتور خاصة مع قطاع غزة ، عقب الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق محمد مرسي ، وتوجيه بعض قنوات الإعلام في مصر أصابع الإتهام إلى أفراد من قطاع غزة بالعبث في الأمن المصري ، الأمر الذي نفته القيادة الفلسطينية وفصائل العمل الوطني والأحزاب جملة وتفصيلًا ، وأكدوا على أنهم حريصين كل الحرص على أمن مصر وتوطيد أواصر العلاقة مع الأشقاء ، وعدم التدخل في شؤونهم الداخلية ، بل شددوا على استعدادها التام للتعاون مع مصر لمواجهة التطرف الذي تعرضت له البلاد .
شهد قطاع غزة إنفراجة مبدئية فور إنعقاد المؤتمر الأول في العين السخنة "الذي أثير حوله الجدل" ، تكللت بفتح معبر رفح الذي يربط بين قطاع غزة ومصر ويعتبر المتنفس الوحيد للمواطنين في قطاع غزة يمنحهم السفر والتنقل عبر مصر إلى كل دول العالم ، بدلًا من معبر بيت حانون "إيرز" (الذي يسيطر عليه الإحتلال الإسرائيلي) لعدة أيام متواصلة ، مما ساهم في كسر حالة الجمود في العلاقات بين البلدين ، لتتجدد بعده بأسابيع مصر الدعوة إلى عدد من رجال الأعمال للمشاركة في مؤتمر إقتصادي يناقش الوضع الراهن في القطاع ، بعيدًا عن المناكفات السياسية من أجل التأسيس لعلاقات تجارية مستقبلية تدفع باتجاه إقامة مشاريع جديدة وآليات للاستثمار بين غزة ومصر بدلًا من الإعتماد على المنتوجات الإسرائيلية وتحكم الجانب الإسرائيلي في إدخال البضائع ومنع عددًا كبيرًا من الأصناف الأساسية التي يمنع دخولها إلى غزة بحجج وذرائع واهية .
وبمجرد إرسال الدعوة إلى رجال الأعمال الفلسطينيين والتجار والصناعيين ، لمسنا روح العروبة الوطنية التي تكللت بمشاركة أكبر وفد إقتصادي من قطاع غزة في المؤتمر المنوي عقده في العين السخنة حاملين في جعبتهم أفكار وطروحات ، ومشاريع ، واتفاقيات ، من شأنها أن تُعزّز العلاقات التجارية وتُؤسس لمرحلة جديدة ، تساهم فعليًا في كسر الحصار ، ولاحظنا الإهتمام الكبير من قبل التجار لتغيير البوصلة وفتح آليات جديدة للتعاون مع مصر بدلًا من "إسرائيل" التي تتحكم في إدخال البضائع وتحدد الكميات وفق آليات مجحفة ، فضلًا عن ترجل الفرسان للوقوف إلى جانب الشقيقة مصر في أزمتها الاقتصادية ومعاناتها من تدهور قيمة عملتها الأساسية "الجنيه" والذي تدنى سعر صرفه مقابل الدولار الأميركي ليسجل "18 جنيهًا".
تاريخيًا ، ارتبطت غزة بمصر ، وازدهرت التجارة بينهما على مر العصور ، وسجلت أرقامًا قياسية ، إلى أن جاء الاحتلال الاسرائيلي عام 1967 ، ومنع مرورها ، وأمر بالتصدير والاستيراد عبر معابره وموانئه من أجل التحكم في جباية الضرائب والرسوم ، وآليات التصدير والاستيراد وفقًا لما يتناسب مع سياسته الاحتلالية التي عمدت إلى اقتران اقتصاد القطاع ، بالاقتصاد الاسرائيلي للتمادي في عمليات الابتزاز ، والسيطرة على كافة مناحي الحياة .
بلغ استيراد قطاع غزة العام الماضي 2015 ما قيمته ثلاثة مليارات دولار ، وفقًا لتصريحات وكيل وزارة الاقتصاد الوطني في غزة "أيمن عابد" كونه يعتمد في استهلاكه على الاستيراد بنسبة 100% نتيجة منع الإحتلال الاسرائيلي لإدخال الأصناف إلا عبر الآليات الرقابية التي يضعها ومن خلال معابره التي تتسم بالكردونات الأمنية ، فضلًا عن منعه إدخال مئات الأصناف التي أدت إلى توقف عدد كبير من المصانع عن العمل نتيجة الدمار الذي حل بها على مدار ثلاثة حروب تعرض له القطاع ، بالإضافة إلى الحصار الذي يعانيه القطاع منذ منتصف شهر حزيران/يونيو من العام 2006 ، والإتفاقيات المجحفة التي أضعفت الموقف الفلسطيني وربطته كليًا بالجانب الإسرائيلي ، حيث فرضت اتفاقية "باريس الاقتصادية" المنبثقة عن اتفاقية "أوسلو" ، على الفلسطينيين الاستيراد من إسرائيل بما لا يقل عن 75%من السلع المستوردة .
تزامن المؤتمر الإقتصادي ، مع الظروف الصعبة التي تمر بها الشقيقة مصر من شأنه أن يُعزز من مكانتها الاقتصادية وينقذها من حالة التدهور السريع التي طرأت على عملتها الأساسية فضلًا عن كسر الحصار عن غزة ، والمساهمة في دفع عجلة إنتاجها ، وعودة مصانعها المغلقة إلى العمل وتنشيط التجارة عبر معابر وموانئ مصر تدريجيًا ، بالإضافة إلى إقامة المشاريع التنموية التي تخدم البلدين ، وإقامة منطقة تجارية حرة على الحدود ، تُشجّع على الاستثمار المصري الفلسطيني العربي في المنطقة ، وتُقلل من نسب البطالة في البلدين ، وتفتح آفاق التصدير للمنتجات الغزية وتشجع على الزراعة والصناعة وتنهض بالقطاعات الأساسية ، وتساهم في تسريع وتيرة إعادة إعمار قطاع غزة وتعمل على تعزيز مشاريع البنية التحتية المتوقفة منذ أكثر من عشر سنوات .
رغم كل محاولات التشويه الإعلامية ، والأبواق المأجورة التي إدعت بأن أجهزة أمنية تابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله ، هدَّدت بأن من يشارك في مؤتمر "العين السخنة" الإقتصادي سيتم منعه من الحصول على تصاريح للدخول إلى الضفة الغربية أو الأراضي المحتلة عبر معبر "إيرز" ، إلا أن صمت القيادة الفلسطينية يدل على موافقتها ، ودعمها لأي خطوة من شأنها أن تكسر الحصار عن قطاع غزة, فضلًا عن تغليب رجال الأعمال مصلحة الوطن العليا على مصالحهم الشخصية ، واعلانهم المشاركة بمجرد أن تم الإعلان عن المؤتمر واستعدادهم التام لإبرام الإتفاقيات الرامية لتعزيز التجارة بين البلدين .
الشعب الفلسطيني وقياداته وفصائله يُرحبون ويدعمون أي خطوات عربية ودولية ترمي إلى كسر الحصار عن غزة ، وتساهم في حل اشكالياتها العالقة والمتراكمة ، وتدعم من صمودها وتدفع عجلة النمو فيها وتساهم في إنقاذها من حالات الإنهيار ، شكرًا مصر.
- وقاء يستعرض جهوده في موسم الحج ضمن مؤتمر ومعرض الحج بنسخته الرابعة
- “المرور”: غرامة قيادة المركبة بعكس اتجاه السير تصل لـ 6 آلاف ريال
- «الصحة» تحث على تطعيم ذوي الأمراض المزمنة ضد الإنفلونزا الموسمية
- “اعتدال”: الخطاب المتطرف يستغل الكوارث لتعزيز الأيديولوجيات المظلمة
- مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى 12212 نقطة
- «ساما» يوقع اتفاقية لإتاحة الدفع عبر Google Pay في 2025
- لحماية كبار السن من الخرف وألزهايمر.. دراسة: هذه درجة الحرارة المثالية في المنزل
- إضافة أكثر من 3000 موقع جديد لسجل التراث العمراني
- تحديثات جديدة على “واتسآب”… طريقة جديدة لجلب ردود الفعل
- “البيئة”: إنتاج المملكة من التمور يقترب من مليوني طن و”الخلاص” و”السكري” يتصدران
- 7 أخطاء شائعة تؤثر على دقة قراءات ضغط الدم.. تجنبها
- السعودية تدفع بالطائرة الـ 11 لإغاثة الشعب السوري
- “النمر”: ممارسة الرياضة أثناء الإصابة بنزلات البرد قد تضعف عضلة القلب
- معادن تعلن اكتشافات جديدة للذهب والنحاس
- أمير منطقة حائل يزور مشروع شركة الطخيم للألبان بالخطة
المقالات > مؤتمر “العين السخنة” الاقتصادي وكسر الحصار عن غزة
سارة بركات
مؤتمر “العين السخنة” الاقتصادي وكسر الحصار عن غزة
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3054210/