من الطبيعي أن تتطور المجتمعات وتتغير وتظهر على مسرح حياتها ظواهر جديدة ، منها ماهو جيد ومنها ماهو سيء ، غير أن المجتمعات الناضجة هي من تراجع نمط حياتها في كل مرحلة من مراحل نموها و تعاقب أجيالها .
.
وتعتبر النزعة الاستهلاكية من الظواهر السلبية التي أثرت على نمط حياتنا ، و أصبحت تسيطر على كل مفصل من مفاصلها .
فالإنسان اليوم لم تعد الحاجة هي من يدفعه إلى الاقتناء كما كان في الماضي ، بل أصبح الاقتناء هو الغاية التي يبحث عنها ، مما جعل الإنسان يتجاوز استهلاك السلع ليستهلك نفسه وسعادته .
كما أن الإعلان هو أقوى العوامل النفسية التي تؤثر في حياتنا وتستثير غرائزنا ، فالمعلنون يعزفون على وتر المخاوف المجتمعية ،وهو أنك لن تكون مميزاً ولن تحظى باحترام الآخرين إلا بشراء سلع ذات قيمة عالية أو ماركة مشهورة حتى ولو لم تكن ذات جودة عالية.
وهذا يجعلنا ضعفاء أمام مقاومة الشراء و نشترى أشياء لا تمت لحاجتنا الأساسية بصلة .
ويعتبر النظام الرأسمالي هو من ساهم في انحراف الثقافة الإنسانية من ثقافة النضج إلى ثقافة الاستهلاك .
تحدث عن ذلك الفيلسوف الأمريكي ( أوڤر ستريت ) عن الرأسمالية في كتابه العقل الناضج واستعرض مضار الإعلان التجاري وقال :
أنه لا يكاد أن تمر علينا ساعة من حياتنا اليقظة حتى يتم تنبيهنا بطريقة أو بأخرى إلى أنه ينبغى لنا أن ندفع المال لشراء هذه السلعة أو تلك وهذا الإلحاح المستمر أضر بالبشرية وأسفر عن نتائج أربع :-
١/ أننا نظل مهددين دائما بمشاعر السخط على المستوى المادي الذي نعيش فيه ، بحيث لا يبعث الرضا في نفوسنا عن أي شيء نملكه .
٢/ أننا نشجع أنفسنا دوماً على الإقبال على مايقدم إلينا جاهزاً ومعداً والإحجام عما يمكننا نحن تجهيزه وإعداده بحيث تجتاح لذة الامتلاك لذة الإبداع.
٣/ أننا نشجع على الاستغناء عن الأشياء قبل الاستفادة منها و قبل أن نألفها ونستمتع بصحبتها أيضاً .
٤/ أننا نشجع على الاعتقاد بأن معظم مشاكلنا النفسية والانفعالية والاجتماعية ناشئة عن افتقارنا الى سلع مادية معينة .
وفي مجتمعنا المسلم اليوم أصبحنا نعاني من تلك المضار ،ولك أن تشاهد حجم الإعلانات التي تدعونا قبل شهر رمضان المبارك ، وتحثنا على شراء سلع ربما أننا لسنا في حاجة إليها ، وجميعها تتحدث على أنها فرصة لا تعوض ، والحقيقة أنها فرصة للتاجر وليست لنا
التعليقات 1
1 pings
مشرف طراش
03/06/2016 في 11:34 م[3] رابط التعليق
أصبت في كل ما قلت ،، بارك الله فيك اخي
(0)
(0)