بتل أبيب يطيح رئيس الوزراء بنيامين نتينياهو بوزير احتلاله موشيه يعالون بعد صدمات حادة بينهم ليأتي بأفيغدور ليبرمان الذى قال عنه نتنياهو سابقاً "إنه لا يصلح أن يكون محللاً عسكرياً من الأساس و ليس قائداً للجيش الإسرائيلي" لكي يرفع بتلك الخطوة من كان حارس ملهي ليلي بروسيا قبل أن يكون الرجل الأول بجيش الاحتلال درجة التطرف داخل إسرائيل بجيشها و مجتمعها المدني إلى حدٍ خطير فى ظل تصديق لجنة شاكيد المنبثقة من لجنة يعاكوف بيري على قانون تطبيق التجنيد الإجباري على طلاب المعاهد الدينية و الحريديم المتشددين منذ عامين و التى ستطبق من العام المقبل، و بهذا ينحي نتنياهو آخر صوت كان يتعارض مع صوته النشاذ و يصبح ليبرمان خيال مآته ترعب كل عصافير الداخل الإسرائيلي بحقل نتينياهو السياسي، أو كافة الأطراف الخارجية و فى مقدمتهم الجيل الجديد من الانتفاضة الفلسطينية، ثم الأطراف الأوروبية المهتمة بالسلام بين الجانبين الفلسطيني و الإسرائيلي و فى مقدمتهم فرنسا التى صدمها نتنياهو مجدداً بعد أن أكد لنظيره الفرنسي بأنه لن يجلس مع أبو مازن بأي شروط مسبقة و أن لقاء باريس القادم الذى سيجمع الطرفين سيكون للصور التذكارية فقط .
و بأنقرة السلطان أردوغان الأول يطيح بالفيلسوف داوود أوغلو بعد أن نزع منه كافة صلاحياته كرئيس للحزب بعدم إمكانية أوغلو تعيين رؤوساء أفرع الحزب بالولايات التركية، و كرئيس للوزراء بعد أن بات أردوغان هو من يدير كافة اجتماعات مجلس الوزراء، و تحويل نظام الدولة من برلماني إلى رئاسي فى ظل تصفية البرلمان التركي من كافة معارضي أردوغان بعد رفع الحصانة عن 138 نائباً تمهيداً لمحاكمتهم فى قائمة تشمل كافة نواب المعارضة و بمقدمتهم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، و لأن بعض النواب شعروا أن ساعة التصفية الجسدية باتت وشيكة بعد التصفية السياسية هرب كلٌ من فيصل ساري يلدز النائب عن حزب الشعوب الديموقراطي بولاية شرناق و طوبى هزير النائبة عن الحزب ذاته بولاية فان إلى أوروبا .
ثم جاء اردوغان بصديقه القديم بن علي يلدرم رجل المرحلة الحالية التى ستبدأ رسميا بتغيير دستور البلاد، فبعد مشهد تحية المعتمرين التركوة لداوود أوغلو الذين استقبلوه ببيت الله الحرام استقبال الفاتحين ببداية شهر فبراير الماضي، ثم مدح ميركل لـ أوغلو أثناء المباحثات بين تركيا و الاتحاد الأوربي بخصوص أزمة اللاجئين حتى لقب أوغلو برجل أوروبا المفضل فى الوقت الذى أطلقت فيه برلين صحفها و إعلامها للنيل و التنكيل بأردوغان كان أمام الأخير خيار واحد فقط و هو إقصاء أوغلو من المشهد تماماً .
و بطهران و فى ظل الحرب الصامتة بين جناح علي خامئني و فريق حسن روحاني، يأتى صاحب التسعون عاماً أية الله المتشدد أحمد جنتي لرئاسة مجلس خبراء القيادة و هو من يترأس لجنة صيانة الدستور المكلفة بالإشراف على الانتخابات و التثبت من مطابقة القوانين التي يقرها البرلمان للدستور و لتعاليم الإسلام، بعد أن خاض الإصلاحيون والمعتدلون من أنصار الرئيس الحالي حسن روحاني والرئيس السابق أكبر هامشي رفسنجاني و كلاهما أعضاء بالمجلس حملة شرسة لإعادة انتخاب آية الله أميني و قطع الطريق على آيه الله جنتي، و لكن تأتي الرياح بما يشتهي المرشد الأعلى للثورة الإسلامية صاحب الستة و السبعون عاماً، و لمن لا يعرف ماهية مجلس خبراء القيادة فهي الهيئة الأكثر نفوذاً داخل الدولة الإيرانية، و فى ظل الحالة الصحية للمرشد الأعلى آية الله على خامئني سيكون لها دورٌ كبير فى بيت القرار الإيراني بعد أن طالب خامئني مؤخراً من أعضاء المجلس تبني الحلول الثورية دائماً، و العمل على تصدير الثورة الإسلامية لباقى دول المنطقة .
فيبدو أن موجات ملالي طهران لن تتوقف على شامنا و يمننا فقط، فى ظل شراء الحرس الثوري الإيراني العديد من الأراضي و العقارات بسوريا على غرار ما حاول القيام به فى المحرق بالبحرين الشقيقة .
حقيقة الأمر من يتأمل جيداً أضلاع مثلث الإقليم ( إسرئيل، تركيا، إيران ) سيجد أن السلطوية و الديكتاتورية وصلت إلى ذروتها، و أن صوت أصحاب النزعة الهجومية بكافة تصرفاتهم و قراراتهم ستعلو على صوت العقل بنطاحات سحاب، و أننا بصدد موجات تطرف سياسية و فكرية وعقائدية و عسكرية بالإقليم قد تفوق قوتها موجات النبضة الكهرومغناطيسية بمراحل .
فادى عيد
الباحث و المحلل السياسي بشؤون الشرق الأوسط