روي عن أفلاطون الفيلسوف اليوناني قوله المأثور ( بأن الذين يروون القصص سيحكمون العالم ) .
وفي ذلك تبيان واضح على أن الروايات والمشاهد الخيالية تساهم في تكوين أفكار المجتمعات ، ومن رؤية أفلاطون انطلقت فكرة هوليوود وأفلامها واستطاعت أن تسوق للمد الفكري الأمريكي الذي تمكن من سبر العالم والتأثير به والهيمنه عليه فيما بعد بعد أن أقنعت الجمهور تدريجيا بامكانية نجاح الإتجاهات الجديدة للسياسة الأمريكية مستخدمة في ذلك الفيلم كمادة خام أولية لبلورة المفهوم الإمبريالي المعاصر ورسم ملامح البطل الأمريكي الخارق الذي سينقذ العالم ويحرر البشرية من ظلمات العالم وبراثن الجهل والتخلف والدمار .
ويرى العديد من النقاد و المهتمين بصناعة السينما بأن هوليوود تتقاطع مع البنتاغون وتسعى لهدف واحد مشترك فقد كانت وزارة الدفاع الأمريكية تلجأ الى صناعة السينما لإنتاج الكثير من الأفلام التي تساهم في دعم السياسة الخارجية الأمريكية وتسخر الرأي العام العالمي لضرب أعدائها وقبل كل عملية عسكرية تقوم هوليوود بصناعة أفلام مكثفة فيتم عرضها على الجنود وتصور الأعداء بأنهم مخلوقات غبية ومتخلفة أو حشرات ضارة يتوجب قتلها بدون رحمة .
لسنا في هذا الإطار بصدد التأصيل لصناعة وسينما هوليوود وريادتها عالميا في هذا المجال أو تأريخها فنيا ورصد ملامحها القوية التي استطاعت أن تشكل العالم ورسم أبعاده سياسيا وجغرافيا وعسكريا أو لطرح وتمرير فكرة السينما لدينا كصناعة أو دور عرض ، فتاريخ هوليوود الحافل تناوله الكثير من الباحثين لسنوات طويلة .
لكن الفيلم « ما بعد الكارثة .. رسالة عاجلة إلى المجتمع السعودي » الذي انتشر قبل أيام وحقق نسب مشاهدة عليا تخطت حاجز ال3-مليون مشاهدة حتى الآن وهو يضع تصوراً سينمائياً مرعباً للعاصمة الرياض وهي تحت القصف وبأن مجلس الأمن يعقد اجتماعاً طارئاً لمناقشة الحرب في السعودية .. وإلى آخر أحداث المادة ، لا يمكن أن يكون من إنتاج وبنيات أفكار أناس بسطاء محدودي الفكر لا يؤمنون بالفن عموماً ولا يتعاطون معه كضرورة قصوى يتطلبها العالم ولا يمتلكون تلك التقنية السينمائية العالية والتعامل معها ويحرمون ذلك كله تحريماً قاطعاً جملة وتفصيلاً ، لأن تلك المادة تحمل أجندة سياسية مغرضة ومبطنة تهدف إلى زعزعة الأمن والتحريض والافتئات وتم تمريرها علينا بكل يسر وسهولة وتناقلتها المعرفات والشبكات بأريحية منقطعة النظير وللعلم كان ذلك بدون حملات دعائية أو تسويق ودور عرض كما تفعل هوليوود التي تعقد مؤتمراً صحفياً عاجلاً حالما يتخطى أي من أفلامها رقم المليون مشاهدة فقط لتعلن عن نجاح العرض .
3-مليون مشاهدة وببلاش فقط على السوشيال ميديا !! ولا يعدو ذلك كونه فكراً في النهاية ولكنه فكر قاصر ينقصه الإدراك والوعي بحقيقة تلك المادة السينمائية التي تمت صياغتها وتصويرها باحترافية مهنية عالية وتم تسويقها أخيراً ولكن بدون مؤتمرات صحفية هذه المرة ! .