صرحت الخادمة لكفيلها قبل ركوبها الطائرة : بابا ! سأقول الحقيقة ، أنا سأنا لم أسلم ! وليس لي علاقة بالإسلام ، بلا صغيرة أو كبيرة ، إنما طلبا للقمة العيش ، والسعي خلف رزقي ، وبطلب من مكتب العمالة ، وافقت على تغيير أسمي وديني بالوثائق الرسمية ، كي أنال فرصة العمل لديكم ، وها آنا أغادركم وأعترف لكم بديني الحقيقي ، لكن كنتم خير أهل لي ، وعشت معكم أجمل أيام حياتي ، وسأعود الي وطني وسيعود لي أسمي الأصلي ، فأنا هي أنا ، ولم أتغير من الداخل ، وهذه هي أخلاقي ، ولقد وضعت قناع الإسلام مؤقـتاً حسب طلبكم .
كفيلها يتصل بي ليخبرني وليسألني عن الإجابة : لقد كانت خادمتنا تتمتع بمكارم الأخلاق الإسلامية الحقيقية ، وهذا شاهدناه ولمسناه من أثرها وبصماتها ، فإذا وضعتها على الجرح يطيب ، على حد تعبيره ، وهي مسلمة بتصرفاتها ، من معاملة ، أو دين ، أو أمانة ، وكانت خير عون لأمي العجوز ، وكالظل الذي يتبعها ، وترى هذا في عيونها وهي تلقمها اللقمة وتشربها الماء ، وهي تبرّها عشرة أضعاف ما يقمن به أخواتي وزوجتي ، ومن القلب ! صدقني ليس مجاملة أمامنا أو تمثيل ، إذ أرعبنا ما نشاهده بالأعلام من جرائم الخادمات ، فدفعنا هذا أن نضع كاميرا فيديو سرية بغرفة الوالدة وبالمطبخ ، وعندما شاهدنا التسجيل جن جنوننا ، حتى أن الغيرة اشتغلت عندنا جميعاً ، فأخذت مرة الطبق من يدها ولقمت أمي بدلاً عنها ! وهكذا فعلن أخواتي ، ومع الأسف لقد علمتنا الخادمة " الغير مسلمة " دروس في الأخلاق وصلة الرحم والإنسانية ، وصدقني بمجرد أن تجد قطعة ذهب هنا أو هناك تضعها على الطاولة حتى تستيقظ زوجتي فتخبرها بها، وهذا مالم يفعله أحد أقربائي الذي سرقنا بعد دخوله بيتنا أول مرة !
هل خادمتهم " الإنسانة " مسلمة بتصرفاتها ؟ وهل تريد أنت من البشر ديناً أم أخلاقاً ومعاملة ؟ وهل توافق معي أن المطلوب من البشر النتيجة لمكارم الأخلاق " لا الأقنعة " ، فالدين المعاملة ، وما نريده من حسن المعاملة حصلت عليه هذه الأسرة من خادمتهم الإنسانة المؤمنة ، والتي ضربت مثالاً جميلاً للإنسانية .
فوزي صادق
/ إعلامي وروائي @fawzisadeq