أراد خليجي أن يأخذ بعض الحاجيات إلي مغسلة الملابس ، فأوقف سيارته بالشارع المحاذي للمغسلة ، وكان الطريق ضيقاً لدرجة بالكاد تمر بجانبه سيارة أخرى ، وما أن هم بإخراج الملابس من الصندوق الخلفي للسيارة ، وأراد أن يمر بجوار الجدار ليدخل المغسلة حتى واجهه أسيوي ، فقال صاحبنا آسف سيدي ، فأجابه الأسيوي " أوكي " ، فتنازل الخليجي عن الطريق للأسيوي ، فمر مع ابتسامة شكر مرسومة على وجهه ، فدخلا المغسلة معا ووقفا مقابل طاولة الاستقبال ، وبينما الخليجي يكلم موظف المغسلة ، سأله الأسيوي بالإنجليزي " هل أنت مواطن ؟ أستغرب الخليجي من السؤال ، وقال له نعم ، ولكن لم السؤال أخي ؟ فقال الأسيوي ، غريبة ! إنه حدث سأسجله بأرشيف حياتي ، فقال له ، وما الغريب في ذلك ؟ هل هو ملابسي ؟ فقال له : لا ، أنا ساكن بهذه المدينة خمسة عشر سنة ، وانتقلت الى عدة مدن من بلدكم ، وأول مرة أسمع مواطن يقول لي " أسف سيدي " .
مع الأسف ، وأقولها بشفافية ، فبرغم سمات الشجاعة التي يتصف بها مجتمعنا ، ورغم ثقافتنا الإسلامية التي تؤكد على التوبة ، الا ان اغلبنا تغيب عن مضامين ثقافة الاعتذار في علاقاتنا الاجتماعية ، حيث يعتبرها البعض شكلا من اشكال الضعف ، رغم ان الاعتذار لا يعمل به إلا من يملك مستوى عاليا من الشجاعة الأخلاقية والإنسانية .
إن كلمة أسف ساحرة ومؤثرة إذا صدرت من القلب إلي القلب، موجاتها وذبذباتها تهز طبلة أذن السامع ، فتترجم إلي إشارات معلوماتية كهربائية مباشرة إلي قسم التفكير والتحليل في الدماغ ، فيأتي الأمر بإفراز هرمون الراحة ، فتؤثر في الحال على صاحبها بالطمأنينة والهدوء وراحة البال فتقل ضربات القلب ، ويعتدل ضغط الدم، فتختفي شحنة الغضب المهيمنة على الروح ، فيذهب احمرار الوجه ويرجع إلي طبيعته ، وتعود معه الابتسامة ، فيصفح صاحبنا للمعتذر الذي أمامه وتعود المياه إلي مجاريها.
إخوتي .. لنربي ولنعود أبناءنا على لغة الصفح وترديد كلمة أسف ، ولننشرها كثقافة إنسانية أتت من السماء ، ولنخبرهم أن الأنبياء جميعاً بعثوا ليعلمونا ويغرسوا فينا مكارم الأخلاق وكيف نعتذر بابتسامة لمن نخطئ أو لم نخطئ في حقهم .
فوزي صادق / إعلامي وروائي
التعليقات 2
2 pings
سعود الرشيدي
25/02/2016 في 5:45 م[3] رابط التعليق
مفعول كلمة آسف كمفعول الماء
يروي العطشان ويطفي لهب النار
كلمة آسف ليس ضعفا وانما هي تعكس اجمل الاخلاق
ابوافي الرشيدي
26/02/2016 في 12:26 ص[3] رابط التعليق
الله يقوينا علي الطيب