علينا أن نغيب عن الوعي جميعاً لكي نقنع أنفسنا ونؤمن ذاتياً بأن كل ما حدث حتى الآن من حوادث الحريق والتماس الكهربائي "المتجول" في مرافق جازان الصحية ، وما صاحب كل ذلك من أضرار وخسائر مادية وبشرية وما لازم الحادثات من فزع وهلع !! لم يكن سوى "صدف" عابرة!.. اختارت لنفسها التواتر في هذا التوقيت !.
ولعل الحوادث من الفئة "الذكية"!
فهي باتت تعقل أكثر منا ، فتختار الزمان والمكان وتتفق على وحدة الوسيلة ووحدة الغاية و الهدف !
هكذا يراد منا أن نفعل .. !
علينا أن نتجمد حساً وشعوراً وعقلاً ، ولا نتأثر بكل ما نراه من غرائب الأحداث ،وعجائب الصدف !
ولا بد أن نسلم أنها صدف ، ولا شيء غير الصدف .!.
فلا داعي للصداع ولا لوجع الدماغ !
ست حادثات مريبة وخطيرة ، ولا مجال فيها للتهاون ، ولا يجوز لأحد أن يتجاهل أي احتمال أو فرضية من باب المسؤولية، والحرص على سلامة الأرواح والممتلكات ومقدرات ومنشآت الوطن !
احترق مستشفى جازان العام في حادثة هي فاجعة من النوع الثقيل قتل فيها وأصيب نحو 150 بريئاً في ليلة واحدة وفي مكان واحد! كانوا يعتقدون أن كل ما في ذلك المكان شفاء وأمان ورعاية وسكينة وعافية !
وقد أثيرت حول تلك الحادثة الشكوك ودار حولها كل الريب والمخاوف، ويسمر التحقيق عندها عدة أسابيع وخرج بأقاويل لا تُفسر الغموض ولا تُعلل الأسباب وبدت كل الجمل ناقصة! وبقيت القضية محفوفة بالغموض، وبالمسكوت عنه حتى هذه اللحظة .. !
وحتى ما قيل عنه "المؤتمر" لم يمكن فيه أي حقيقة أو إجراءات تطيب لها النفوس، وتقتنع بها العقول ، ولم تحضر اللجنة فيه بصفتها الرسمية لا بالأصالة ولا بالنيابة!.. ولم يعلن عن متحدث باسمها.
وكل ماقيل في المؤتمر لم يصدر عن اللجنة التي هي المعني الأول بالتحقيق والإعلان عن النتيجة التي يترقبها الجميع لتغيب اللجنة والنتيجة والشفافية ويمحى الوضوح .!.
وليتصدر الحديث وزير الصحة الذي لا صلة له باللجنة ولا يحق له ان يتحدث باسمها ولا يجوز حتى تفويضه بذلك !
وتبقى علاقته بالقضية محدودة محصورة في أنه ووزارته يمثلان جهة الإهمال والتقصير و الطرف الذي يتحمل الخطأ وتقع عليه المسؤولية .
ولذا لم يكن حديثه والتطرق إلى النتائج منطقياً ، وكان الأولى به أن لا يقحم نفسه متحدثاً يقوم مقام اللجنة من مقام الخصم و الدفاع!!
ولا أظنه يجهل أمراً كهذا .
لكنه حقيقة ذكرني بالشاعر القومي المنفي أحمد مطر حين قال :
في القدس قد نطق الحجر
لا مؤتمر
لا مؤتمر
أنا لا أريد سوى "عمر"..!
ونحن كذلك لم نرد سوى الصدق والحقيقة بمنتهى الوضوح والشفافية من مصدرها الرسمي بأمانة ومسؤولية.
والأسوأ من تصدر وزير الصحة متحدثاً بلا "هوية" ولا صفة ، هو ذلك البيان الصحفي الباهت المجهول المنشأ والصياغة والنسب، الذي دست فيه أموراً لم يتجرأ أحد على تبنيها أو التصريح بها أثناء المؤتمر ..! وتركت لنراها على صفحات الإعلام دون الإشارة للبيان المجهول الذي احتواها ونقلت عنه، ودون التأكيد عليها كنتيجة حقيقية تقر بها لجنة التحقيق أو من يمثلها أو من يجوز له التحدث باسمها ونيابة عنها.
وكان البيان الباهت والمؤتمر الذي سبقه هما آخر حدث وإجراء في القضية وتجمد عند ذلك كل شيء !
كانت تلك الحادثة الاولى وأكبر فجيعة عرفناها منذ وعينا ..وحتى حين غبنا عن الوعي لنقر ونسلم بحرائق الصدف!
ومرت بهذه الكيفية و الصفة ، ولا زالت تخفي في ثناياها أسراراً وحقائق لم يفرج عنها كي تخرج من سجن التعتيم وحبس الكتمان !
وفي جلبة التحقيق وتحت حراسة الدفاع المدني، الذي بسط يده بعد الحريق الأول على الموقع بكامل مرافقه ومحتواه ، عاد الحريق ليشب مجدداً في أماكن أخرى من مستشفى جازان العام لم يكن طالها الحريق الأول !..
ولست أدري كيف لأمر كهذا أن يحدث وفي كنف رجال الإنقاذ والمطافي ؟!.
ومرت الأمور والجميع لازال في غياب عن الوعي او مغيباً عنه طوعاً أو كرهاً ..!
ويأبى الحريق (اللعين) إلا أن يقتفي أثر الأهالي ويتحرى عن وجهتهم البديلة للعلاج بعد أن حرمهم من مستشفى الكارثة المحترق .
وعلم (اللعين) بعد البحث والتحري أنهم يتقاتلون على أبواب عيادات مركز الشاطيء ، ويتكدسون بالساعات في انتظار حبات أو قنينات "الفيفادول" أو وصفة لدواء لايتوفر في المركز، أو التحويل إلى جهة ما بحسب الحالات وما تستدعيه.
وقف الحريق على حالهم "ضاحكاً" واقترب ليرسم خارطة المكان ويدون إحداثيات الموقع.. لينصرف حينها و بعد ذلك يعود فجراً ليشتعل نيراناً بأرجاء المركز ومن ثم أخلي وأغلق بعد التهامه، وفر الحريق مخلفاً بعده الخسائر والرماد !
ولا زالت الصدفة حاضرة ولا يزال السبب التماس !
والعقل مازال حبيس الغيبوبة والغياب !
فإلى أين فر ليختبيء الحريق بعد حادثات جازان الثلاث ؟!
حقاً نحن أمام حريق خبيث عنيد وداهية..!
خشي الحريق من أن يفتضح أمره، أو يقبض على معاونه (التماس الكهربائي) الذي قد يعترف عليه ويوقع به .
وأظنه تلقى تحذيراً من بعض (المحرضين) له بأن يتحول إلى جهات أخرى بعيدة يشتت بها الإنتباه ويخفف بها وطأة الضغط ومطالبات الأهالي بالكشف عن حقيقة الكارثة والإجابة على كل التساؤلات وكشف الغموض وفضح أسرار التحفظ والتعتيم الذي طال أمده!
هنالك قفز الحريق عالياً وفر من جازان قاصداً مستشفى الطوال العام وشب فيه حريقاً أفزع الناس وأفسد المكان..!
والسبب أيضاً التماس وسخونة بطاريات المولد الباردة طوال الصيف! و لم تفكر الحرارة في البطاريات أبداً ! ولم تخطر بطارية واحدة ببال السخونة إلا في الشتاء وفي صقعة الليل وبرودته !
ولم يعثر على الحريق ولا من يرافقه، ولا من أغراه بأن يغزو الطوال خلسة!
وأيضا لم يكن حريق الطوال غير صدفة من صلب صدفة !
وفجأة يختبيء التماس في منطقة قريبة من وجهته الجديدة، فيراقب المكان ويحدد مركز الشرارة .. وباغت التصوير ومر خلف الكاميرات وشب التماس وأسرع بعده الحريق وانبعث الدخان في جوانب من مستشفى ابوعريش العام في خامسة الصدف !
وحين ادركوه وأقبل الإطفاء وحاصروه في المكان ..لم يجد أمامه سوى الفرار وغادر المكان ولم يذهب بعيداً بل ظل خلف السور ، ولا زال مندساً هناك يراود ماسورة لتنفجر بعد أن أغواها.. في القسم النسائي وهناك تغض عيون كل الكاميرات البصر حياءً وخجلاً، وتبقى عاجزة عن النظر لحساسية المكان .
وعلت صرخات الإنذار وملأت أرجاء المستشفى بالرعب والهلع .
وأخليت الأفسام حرصاً على حياة المرضى وسلامتهم.
ولم نفق بعد! ولا يزال الشر صدفة !
ولم تزل أفواهنا مكممة !
كفى غياباً عن الوعي وكفى تغييباً للحقيقة !
وعلى جهة التحقيق والمسؤولية أن تبادر بكشف كل الملابسات، والإجابة على كل الأسئلة ولا حصانة لظالم أو فاسد وإن علا .
وإلا فليعتزلوا هذا الأمر ويتركوه للجنة عليا تشكل للتحقيق في كل الحادثات وتعرض الأمر بعد ذلك على الملك أو ولي عهده حفظهما الله .
ولن يصلح الأمر ولن تعالج الخطوب المتلاحقة بهذه الصفة التي نحن عليها الآن.. ! وإني من هذا المقام أناشد مولاي خادم الحرمين الملك سلمان وولي عهده الأمين التدخل و إدراك جازان وأهلها قبل أن تحترق وتشتعل في جوانبها وأحشائها نيران الصدف!
التعليقات 3
3 pings
سماح سالم الرشيدي
24/01/2016 في 8:22 م[3] رابط التعليق
أحسنت .. أحسن الله إلى حسين عقل ولا أحسن لكل من لا حس والعقل له
(0)
(0)
حسين عقيل
30/01/2016 في 1:48 ص[3] رابط التعليق
اشكر لكم مروركم العطر اخي واستاذي الكاتب المبدع سماح الرشيدي
اضفتم بحضوركم لمقالي بهاءا وجمالا..
واالمرحلة المقبلة مرحلة جادة جدا.. لا مجال فيها للتراخي! ولا مكان للخاملين! والضرب بايدي من فولاذ ونار للفساد والمفسدين ولا مساس بامن الوطن وهذا الكيان…! المجد والامجاد والحرمين والدين والامن والوطن تستحق هذا واكثر.
حسين عقيل
(0)
(0)
حسين عقيل
30/01/2016 في 1:50 ص[3] رابط التعليق
المرحلة المقبلة مرحلة جادة جدا.. لا مجال فيها للتراخي! ولا مكان للخاملين! والضرب بايدي من فولاذ ونار للفساد والمفسدين ولا مساس بامن الوطن وهذا الكيان…! المجد والامجاد والحرمين والدين والامن والوطن تستحق هذا واكثر
تحياااتي
(0)
(0)