زوجي مغرم بالجوال ، ومهووس بالواتساب حتى الثمالة ، ونهاية كل شهر أن لم أبالغ يستبدله بآخر موديل ، فيدخل علي المطبخ ويفاجئني : أحضرت لك ضرة جديدة ! ينظفه ويلمعه ويخاف عليه من الغبار العابر، وإذا أراد الصلاة يضعه قرب موضع السجود ! وفي غرفة النوم ينساني وينسى نفسه بالدردشة ! ومنذ ذلك الحين وأنا أعيش حياة لاحول لي ولا قوة ، وكوني معلمة ، فكل مشاويري اليومية بالليموزين.
رفعت شكواي لله ثم لصديقتي ، فنصحتني أن أكسب حنانه وأغريه، فاستخدمت معه كل السبل ، لكن جميع خططي لم تنجح وباءت بالفشل ، فأقـترب يوم عيد ميلاده ، فاقترحت صديقتي أن نتخذ أسلوب وداوها باللتي هي الداءُ ، فاشتريت له جوال جديد ، وقالت لي أدعيه على العشاء وأعمليها مفاجأة ، فنفذت اقتراحها وذهبنا للمطعم، وطول الطريق وجواله لا يهدأ ، كل دقيقة رنة اتصال أو رسالة خبر عاجل أو مباركة من صديق أو عروض التخفيضات .
وصلنا المطعم ، مع أني لم أعرف كيف وصلنا وهو مشغول بالجوال ! المهم دخلنا أحدى الغرف المغلقة وزوجي لم يشعر، فقط يتبعني ! حضر العامل وزوجي لم يشعر ! أحضروا المقبلات وزوجي لم يشعر ! فاخترت وجبتنا المفضلة وزوجي لم يشعر!
مازال ممسكاً بالجوال بيده الشمال وقطعة الخبز الصغيرة معلقة بيده اليمين ، حتى أصبحت كالبسكويت اليابس من برودة المطعم، أنا ما زلت مخبئة الجوال الجديد في حقيبتي كي اعملها مفاجأة ، لكن زدت الطين بلة ! فبعد أن قدمته له ، أخذه وبدأ يعاكسه وكأنه فتاة ونسى أنه موجودة ، حتى برد الأكل وأشتعل قلبي ، فإذا بي أسمع همس يخرج من الغرفة المجاورة، إنه زوجاً يعاكس زوجته : حبيبتي، كل يوم عندي عيد زواج ، وكل يوم أنت أجمل هدية من الله، فلا داعي أن تشتري لي جوال جديد، أنا من يشتريك من أهلك ، والثمن قلبي.
بسرعة خاطفة وبدون شعور مني ! سحبت الجوال من يد زوجي ، وذهبت به إلي الغرفة المجاورة : تفضلوا ! هذه هدية من صاحب المطعم لأجمل عروسين ، وهي مفاجأة نعملها كل أسبوع ووقع عليكم الاختيار، فأعطيتهم الجوال، وأخذت حقيبتي ، وقلت لزوجي: اشبع بزوجتك الجوال ، فرجعت إلى بيتي بالليموزين.
فوزي صادق
/ إعلامي وروائي