نصف المجتمع كما يقال وتساهم في بناء النصف الثاني منه ،ونظراً لأهمية المرأة في مسيرة الحياة لابد أن تمتلك كل أسباب القوة التي تمكـِّنها منأن تلعب دورهـــــا على أكمل وجه في مهمتها المقدسة ،وتتمثل هذه الأسباب والوسائل في امتلاكها الثقافة الحقّة التي تجعلها على بيّنة من أمرها في أمور دينها ودنياها ،لأن المرأة المثقفة هي التي تبني المجتمع وتحقق النجاح في كل مجالاته ،سلاحُها المعرفة المستنيرة بالعقـــل لتكـــــون عنصراً فعَّالاً حافزاً لا متواكلاً عاجزاً؛ يجعلها غريبةً في المجتمع الذي تعيش فيـــه ممــا يوقعها في انتكاسات مرعبـــة على نفسها وعلى غيــرها ، أو يوقعها في شرَك الفوضى والاضطراب والفشل ، فــتلغي بذلك دورها الإجتماعي والإنساني حـاضراً ومستقبـــلاً. ولا بد من أن نقرّ ونعترف بأن المجتمع بدون المرأة المثقفة الواعية هو مجتمع أحـادي القطب ، ولا نبالغ إن قلنا أنه مجتمع مشلول تقريباً لأن نصفـــه يقبـــع في دائرة الجهـل. فثقافة المرأة هي السبيل الأنجع الذي يقضي على كل الآفات الاجتماعية وهي التي تسهم في تطور الحياة من أصغر دوائرها إلى أبعد مدى لها.لأن دور المرأة كما يقــــال ثلاثي الأبعاد(فهي الزوجة والأم وربة البيت ).
وهنا تجدر الإشارة إلى أن للمرأة قصب السبق على الرجل في نشر قيـــم خاصة بهــا
كالتسامح والوفاء والتضحية والتعاون التي تساهـــم في الإنتـاج الثقافي لإغناء الحوار بين الثقافات لتحقيق التنمية القائمة على التفاهم والتعاون أهم مرتكزات هـــذا الحــوار.
ومما يعيق المرأة في تحقيق ذاتها الثقافية بعض الآراء الخاطئة والتي يستمر أثـــــرها السلبي على حياتنا وخاصة عندما تتشكل فيها القناعة الكاملة لدى المرأة نفسها وعلـى نطاق مجتمعها الذي يرى أنها تابعٌ للرجــــل ؛تقول ما يقول، وتقر ما يقرّ دون رأيٍ أو مشورة ،لا حول لها ولا قوة ، تعمّق بذلك سطـــوة الرجل وتحكمـــه معيقاً حركتها مقيداً تفكيرها ليحرمَ\\ها من المشاركة البناءة في صنع الحياة .
ومما يشكل عائقاً في حيازة المرأة للثقـــافة المطلوبــــــة اعتراف البيئة الحاضنة بأهمية هذه الثقافة ومسؤولية المرأة في تنمية حسها الثقافي ضمن المجتمع.
ومن الأخطاء الكارثية التي تواجهنا في هذا المجال الإعتقاد السائد عند البعض أن تعلّم المرأة وثقافتها هو سبيل تحررها المبالغ فيه والذي يتخطى الخطوط الحمراءوالصفراء والسوداء ، ويمنحها جواز سفر لعوالم تحلـِّق في فضاءات الإنحلال والتشرذم الفـكري والشتت العاطفي ،متناسين أنّ معنى ثقافة المرأة هــو؛ امتلاكها العلـــم المنضبط الكافي لتوجيه قيمها وأفكارها وسلوكها بتبصرٍواضح ومعافى لحياتها العملية والاجتماعية . وقد تقع المرأة هنا ضحية ثقافة العولمة التي تنتجها وتصدرها جهات مغـرضة عدوانيــــة مبطنة، وهي ثقافة سطحية تعمل علىنسف القيم وتذويب الإنتماء الوطـــني والــديني والإنساني عند المرأة المتلقيّة لها, المتأثرة بهاو الموهومة بأنها الثقافـــة المثلى والقــدوة .
وأمام ذلك كله يتوجَّب علينا حماية المرأة أهــــم عنصر في تكوينـــنا الإجتـــماعي كما يريدها الإسلام زوجةًمثاليةً ، وأمَّاً فاضلةً، ومربيةً ناجحةً، ومؤمنةً مسلحةًبالتقـــــوى ومخافة الله تعالى لتؤدي الأمانة الملقاةعلى عاتقها . وهنا يبرزدور الإعلام في نشر التوعية اللازمة باتجاه تصويب كلّ ما من شأنـــه ان يحـــرم المرأة من سعيها لامتـــلاك ثقافـة بناءة، ولا ننسى في مكان دورالمؤسسات في وضع برامج تثقيفية تساهم في إنماء الثقافة عند المرأة .
مع التأكيــد على دور الأسرة في غــرس حب المطالعة عند الجميع سيّما وأن منجزات العصر تؤمّن للمرأة كل أطياف الثقافـــة المعــرفية الدينية والإجتماعية والإنسانية التي تجعلها مستودعاً شاملاً للمعرفة مما ينعكس إيجابــاً على حياتها وحياة زوجها وأبنائهـا والمجتمع بكامله حسبما يقرُّه ديننا الحنيف ورسوله الكريم الذي أعطى للمرأة حقوقاً لم تكن تمتلكها قبل الإسلام إذ رفعَ من شأنها في جميع المجالات الدينية والدنيوية بعـد أن عانت من الإضطهاد والتعسف والظلم عهوداً طويلة كانت أسيرة قيـــود حياتيــة باليـة وعُقد اجتماعية تحمل في طياتها الـــقهــر والحرمـــان .