اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ، فها هم يبالغون ويهايطون بالنعم ، كفنا الله شر أعمالهم .
إن الكرم والتقدير ليس في المبالغة والمغاله ، فالتقدير محله القلب ، ويظهر أثره عند المواقف والشدائد .
إن المتابع لوسائل التواصل يجد أنه انتشر فيها خلال الفترة السابقة مقاطع محزنه ، تحزن القلب وتزعج الضمير الحي ، فذاك يحلف بالطلاق لضيوفه ليظهر كرمه من وجهة نظره القاصرة ، واﻵخر يغسل يديه بعسل ودهن عود في تصور مضيفه أن التقدير والكرم في فعله ، وغيرهم ينثر الهيل ليثبت لضيوفه أن الكرم عندنا دون غيرنا.
وما مقاطع الولائم الفائضة والزائدة عن حاجة الحاضرين عنا ببعيد ، فكم من مقطع اتعب القلوب لما يحويه من عدم تقدير للنعم الموهوبة لنا من رب العالمين.
لمثل هؤلاء أقول ، ارحمونا وخافوا الله فينا وفي أجيالنا القادمة ، فقد تزول النعم وأنتم أحد أسبابها ، فشواهد التاريخ كثيرة ، فما من قوم تبطروا وتباهوا بنعمة الله وأسرفوا فيها إلا عاقبهم الله وسلط عليهم.
لمثل هؤلاء أقول اقرؤوا التاريخ إن كنتم تحسنون القراءة ، فلعلكم أن تطلعوا على نماذج مشابهة لفكركم وعملكم دمروا قراهم وبلدانهم.
لمثل هؤلاء أقول خذ جولة بنظرك حولنا لتدرك أننا ننعم بخير كبير قد حرمه غيرنا ، وإن تفحصت السبب ستجد أن نكران النعم وجحودها سبب من أسباب تدمرها وتدهور حالها.
لمثل هؤلاء أقول أخشى أن تكونوا سببا من أسباب حرمان الرزق والبركة لجميع المخلوقات الحية ، وقد تكونوا سببا من أسباب الغلاء وارتفاع المعيشة.
لمثل هؤلاء أقول إن كنتم مصرين على هياطكم ومبالغتكم ، فليس من الضروري أن ينشر بين الناس ، فكم من قلوب ستتعب لفقرها ، وكم من قلوب ستتعب لخوفها من العواقب.
وختام القول إننا بحاجة إلى وجهاء حكماء يقودون الناس وقبائلهم لتقدير النعم وعدم المبالغة ، كما أننا بحاجة إلى قوانين حاكمة تساهم في حل هذه المشكلات والقضاء على هذه المظاهر .
صابر معيوض العصيمي