أغلبنا سمع عن جماعة بوكو حرام خلال العامين الاخيرين، حتى ظن الرأى العام ان جماعة بوكو حرام ولدت بعد تنظيم الدولة الاسلامية بالعراق و الشام المعروف بأسم داعش، و لكن حقيقة الامر بوكو حرام عمرها يسبق تنظيم داعش بعشر سنوات و فكريا هم ابناء العباءة الاوسع لمختلف التنظيمات الاصولية و احدث امتداد لافكار سيد قطب و عبد الله عزام و بن لادن و غيرهم .
فبوكو حرام او جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد المعروفة بالهوساوية أو بأسم بوكو حرام و معناها " التعاليم الغربية حرام " أسست فى يناير عام 2002م على يد شاب نيجيري لم يكمل تعليمه اسمه محمد يوسف تأثر و انجذب بشدة لافكار تنظيم القاعدة و بشخص اسامة بن لادن و باقة نجوم عالم الارهاب، حتى اسس قاعدة الجماعة او افغانستان كما سماها فى كناما بولاية يوبة، و فى عام 2004م انضم له ما يقرب من 200 شباب من تشاد حتى اتسعت حركة الجماعة و ذاد نشاطها و دخلت فى صدمات حادة مع اهالى مدينة باوتشى، و في يوليو عام 2009م بدأت الشرطة النيجيرية في التحري عن عناصر تلك الجماعة التى باتت تهدد بشكل واضح امن البلاد و استقرارها خاصة بعد تلقى تقارير أفادت بقيام الجماعة بتسليح نفسها . و بعدها تم القبض على عدد من قادة الجماعة في باوتشي مما أدى إلى اشتعال اشتباكات مميتة بين قوات الأمن النيجيري وقدر عدد الضحايا وقتها بحوالي 150 قتيل، و فى تلك الفترة لم تتوقف الجماعة ساعة واحدة عن العنف، و اثناء تلك الفترة قدمت قناة الجزيرة فيلم تسجيلي عن جماعة بوكو حرام و قدمتهم على انها جماعة دعوية خيرية لا علاقة لها بالعنف و اراقة الدماء، حتى جاء سبتمبر عام 2010م لتنفذ جماعة بوكو حرام عملية واسعة لتهريب عناصرها المسجونين بمعتقلات ولاية باتوشي و تهريب اكثر من 700 تكفيري شكلو خطر شديد على الامن و الشرطة النيجيرية فى ذلك الوقت، و هى عملية تتشابه كثيرا فيما فعله عناصر الاخوان و حركة حماس يوم 28 يناير 2011م بمصر و تهريب قياديين اخوان على راسهم الرئيس المعزول محمد مرسى، و نفس الامر كرره اخوان صنعاء بعام 2014 بعد اقتحام سجن صنعاء و تهريب عناصر تابعة للاخوان منه، و بأبريل عام 2014م قامت الجماعة بتنفيذ عمليات جديدة فى الشكل بعد اختطاف 276 فتاة من مدرسة ثانوية بمدينة غووزا شمال نيجيريا، و استغلت جماعة بوكو حرام البعد العرقى فى نيجيريا و هو الامر الذى كان له دورا كبيرا فى تنامى نفوذ جماعة بوكو حرام، حيث تتشكل نيجيريا من قبيلتين كبيرتين هما الهاوسا فى شمال البلاد و أغلبهم من المسلمون و قبيلة الإيبو و غالبيتها من المسيحيون، وكثيرا ما تحدث اشتباكات دينية وعرقية بين القبيلتين وفى هذه الأثناء تطرح جماعة بوكو حرام نفسها كمدافع عن الإسلام، و بعد تطور الاحداث و مرور الزمن و حدوث تغييرى جذرى بمنطقة الشرق الاوسط و تأثير واضح فى خريطة شمال افريقيا يجب ان نسئل انفسنا لماذا غرب و شمال افريقيا يتم تلغميهم بتلك التنظيمات القاعدية .
اولا : يراد لنيجيريا ان تكون مصنع تفريغ الارهاب و تصديره لباقى دول غرب افريقيا و ليبيا عبر تشاد و النيجر .
ثانيا : ادخال غرب افريقيا بشكل مباشر و شمال افريقيا بشكل غير مباشر الى مسرح الاحداث العالمى، فبعد ظهور داعش بأي دولة كانت تأتى اليها الغربان من كافة الانحاء و الارجاء لنهش الجثث المترامية نتاج الحروب الداخلية بها .
ثالثا : لو نظرنا للخريطة سنجد حزام قاعدي ناسف من غرب افريقيا و حتى العراق، و هذا يقول لنا ان خريطة التغيرات و مسرح الاحداث لم يعد محصور من ليبيا و حتى العراق بل من غرب افريقيا مرورا بكافة دول شمال القارة وصولا لحلقة الربط الهامة بين سيناء و قطاع غزة ممتدة الى لبنان و سوريا ثم العراق .
رابعا : اينما وجد النفط و جدت اثار اقدام و انياب واشنطن و حلفائها، فدولة نيجيريا تمثل اكبر اقتصاد فى افريقيا و أغلب احتياجات الولايات المتحدة النفطية اصبحت تورد من غرب افريقيا فالولايات المتحدة تحصل ثلث احتيجاتها النفطية من غينيا الاستوائية وحدها، كما ان واشنطن تخطط للاستغناء التام عن الخليج العربى كمورد للنفط لها مستقبلا .
خامسا بعد اقلاع جماعة بوكو حرام الزى الخاص بها و ارتداء فانلة داعش الجديدة اكتملت فرق و كتائب الحكومة العالمية بعد فرسان مالطا و بلاك ووتر و غيرها لكى يكون هناك يد للشيطان الاعظم بغرب القارة الافريقية .
و الان و بعد أن بات تنظيم داعش يتلقى ضربات قاسمة فى سوريا و العراق بالتزامن مع التقدم الواضح لتنظيم بوكو حرام فى كل الاتجاهات بغرب افريقيا فلم يعد وجوده بوكو حرام مقتصر على نيجيريا فقط بل أمتدت أذرعها الى الكاميرون و حتى دلتا النيجر و شمال مالي و باقى دول غرب القارة السمراء و هو الامر الذى يمهد خشبة مسرح الاحداث العالمية لاستقبال بوكو حرام فى دور البطولة .
فادى عيد
الباحث و المحلل السياسى بقضايا الشرق الاوسط
fady.world86@gmail.com