منذ حوالي الشهر والأرض الفلسطينية المحتلة تشتعل ناراً بدماء أبنائها الطاهرة وهي تكتب سطوراً جديدة من العزة والكرامة، وهو مالا يستغرب عن أهل فلسطين الثائرين أربعة وعشرين مرة في وجه الظلم والقهر منذ العام 1920م زمن الانتداب البريطاني، ومما يزيد الألم في النفوس البعض بيننا ممن إمتهن الصراخ ليل نهار بالشعارات الرنانة لأجل فلسطين ثم يتعامل مع صور من يسقط من شباب فلسطين على يد الإجرام الصهيوني كوسيلة لجمع الإعجابات والتعليقات وفرصة للتباكي والبحث عن شعبيات زائفة، وكأن شباب فلسطين الذين اتحدوا في وجه العدوان والانقسام مسلمين ومسيحيين، ذكوراً وإناثاً، كباراً وصغاراً ليسوا سوى مجرد جسرٍ لمن يريد أن يبحث عن شعبية أكبر، واليوم وقد تجاوز عدد من سقط من أبناء فلسطين 64 من أبنائها وبناتها في شهر واحد برصاص الاحتلال الغاصب، وبسبب التخاذل والصمت العربي التائه وسط البراكين الثائرة في المنطقة، يخرج علينا كل يوم ذلك الأفاق الذي يستغل كل فرصة لتبرير جرائم جيش الإجرام الصهيوني للإعلام العربي تحديداً متناسياً أساس كل إرهاب في المنطقة، ويطل علينا بكل صفاقة لتهنئة العالم الإسلامي بالعام الهجري الجديد، وغداً سيخرج لتهنئة أصدقائنا المسيحيين برأس السنة الميلادية كحمامة وادعة أرق من نسمة الهواء العليل، ومتجاهلاً ما قالته إحدى زميلاته المجندات قبل أيام بأنها تتمنى لو أنها كانت فلسطينية فهي لا تجد في جيش الصهاينة شخصاً واحداً يمكن أن تصفه بالرجل، وبكل الأحوال ينسى ذلك الأفيخاي أصل جيشه الذي يتغنى به ليل نهار وهو الذي تأسس من عصابات الهاجانا والإريجون التي صنفها حتى أصدقاؤه البريطانيون الذين منحوه حق اغتصاب الأرض الفلسطينية بالمنظمات الإرهابية، فشتان بين عصابات تأسست للإرهاب والإجرام وإرغام الناس على ترك بيوتها، وبين شباب يدافعون عن أرضهم أمام احتلال لا يعرف سوى الغدر والخيانة والإجرام .
ولعل من يفاخر بانتمائه لبني إسرائيل وهو بعيد كل البعد عن شريعة موسى عليه السلام وتعاليم التوراة الحقيقة التي أنزلها الله عليه ينسى كيف بادر أمثاله من المنافقين بالطلب من موسى عليه السلام بعد أن نصرهم الله على فرعون وبطشه مباشرة أن يجعل لهم آلهة يعبدونها من دون الله فأي صدق وشكر للنعمة يعرف هؤلاء، وأي عقل وفهم لمن عاقبهم الله بالتيه أربعين سنة بعد كفرهم بأنعم الله مستبدلين المن والسلوى بالفوم والعدس والبصل، ولذلك لن تفهم يا أفيخاي لا أنت ولا من هم أكبر منك معنى القدس لكل عربي ومسلم، فهي أكبر من استيعابكم وفهمكم وأنتم من تسببتم بدمارها أكثر من مرة على يد البابليون والبطالسة والرومانيون وغيرهم ، ذلك بسببب طغيانكم وقتلكم الأنبياء الذين أرسلهم الله لكم لهدايتكم طريق الحق، ولكن من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً، فسود الله وجهك يا أفيخاي أدرعي أنت وكل أمثالك أكثر مما هي سوداء، وبأكثر من القدر الذي تحاولون به تبييض صفحة إجرامكم وبقدر ما أنتم أذلاء وجبناء أمام الحق.
فهنا القدس ليس على أرض فلسطين فقط أيها التائه الصهيوني، بل وفوق أرض قلب كل عربي ومسلم، وفوق أرض عقل كل عربي ومسلم، فإن أردتم تدمير القدس فدونكم تدمير قلب وعقل 90 ألف مقدسي، ومليون ونصف فلسطيني بالداخل، و13 مليون فلسطيني خارجه، وغيرهم 400 مليون عربي، ومليار ونصف مسلم حول العالم، ثم لن تنتهوا بعد ذلك بل عليكم التفكير جيداً بعدها في طريقة لحرب حجارة فلسطين الطاهرة التي لن تجدوا منها لقاء جرائمكم سوى البصق في وجوهكم، فحرائر وأحرار فلسطين والأمة قادمين لتحريرها رغم أكبر أنف بينكم مهما تطاول الزمان، فلستم أنتم ولا كل خانع ذليل بأصدق من الله عزوجل الذي قال في سورة الإسراء في كتابه العزيز:{{إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً (7)}}.
ولا خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال فيما رواه مسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود))، فبشراكم يا أهل فلسطين الأبطال وأحرار الأمة وحرائرها فظلام الليل مهما اشتد سواده وطال بقاؤه زواله آت لا محالة رغم أنف المجرمين، وستبقى ربوع أشجار الزيتون في ذاكرة أحرار هذه الأمة إلى الأبد، وستبقين فلسطين، فلسطين كما نعرفها، فاتنة في روعتها، لؤلؤة في قيمتها، ساردة لسطور العزة والكرامة، طريقاً للنور والشهامة والكرامة، ياقوتة لا تشيخ ولا تلين، ناراً على أعدائها نوراً لأحرارها تنير لهم طريق العزة بإذن الله دائماً .