عمل تُشكر عليه وأمر هام ما تقوم به هيئة الدواء والغذاء وتحذيرها من بعض المنتجات التي تحتوي على مواد تضر بالصحة أو عدم التزام أحد المصانع بشروط معينة ....الخ

لكن الإشكالية أن هذه التحذيرات أحيانا كثيرة تأتي بعد فترة من الزمن من تداول واستهلاك هذه السلعة أو المنتج بين الناس، وأنا هنا لا ألوم الهيئة فقد يكون هذا حدود دورها وصلاحيتها، فعلى سبيل المثال لا الحصر قبل فترة أصدرت الهيئة هذا البيان (حذرت الهيئة العامة للغذاء والدواء من استخدام منتج (ميك أب سيت فاشن قيرل makeup set fashion girl لاحتوائه على نسبة عالية من عنصر الرصاص المخالفة للمواصفات القياسية الخليجية التي تمنع احتواء المنتج التجميلي على أي نسبة من هذه المادة، وقالت الهيئة في بيان لها اليوم: إنها قامت بمخاطبة الجهات المختصة لسحب هذا المنتج من الأسواق، ومنع دخوله للمملكة) وهذا المنتج خاصة بالأطفال حيث تقوم الطفلة بوضع هذه المساحيق على وجهها وشفتيها وعينيها من باب تقليد الأمهات الكبار في التجمّل وهي لعبة محببة ومطلوبة لدى كثير من الأطفال وخاصة الفتيات الصغيرات.

ومن هنا أسأل عدة أسئلة تحتاج لإجابة شافية.

كم من الأطفال الأبرياء استخدموا هذا المنتج قبل اكتشاف هذه الكارثة ؟

كم من الأسر لا تعلم عن هذا التحذير وسوف تستمر في شراء هذا المنتج ؟

كم من الوقت سوف يمر حتى يتم سحب هذا المنتج من السوق ويتم بيع المئات منه ؟

كم من المنتجات التي لم يُكشف عنها تشابه هذا المنتج في خطورته حتى هذه الساعة ؟

وكم من المنتجات سوف تدخل البلد مستقبلا تحتوي على مثل هذه المواد الخطرة ؟

ولماذا في الأساس لم يتم منع هذه المنتجات من الدخول للبلد والانتظار حتى تقع الكارثة على أطفالنا وتخرج الهيئة بتحذير بعد شهور وقد يكون بعد سنوات ؟

ومن هي الجهة المسؤولة عن دخول ومرور مثل هذه المنتجات للبلد ؟

حتى نجد إجابات لهذه الأسئلة من أي مسؤول، أقول إن أقرب تصوّر لدي عن هذه الكارثة هو عدم وجود تنسيق وتعاون بين الجهات المتعددة المعنية بطريقة أو أخرى بهذه المنتجات وغيرها والدليل أن هذا المنتج دخل البلد وبعد ذلك اكتشفت الهيئة خطورته !

لذلك أقترح أن يكون هناك هيئة أو لجنة تضم هيئة الدواء والغذاء ووزارة التجارة والجمارك والمواصفات والمقاييس والصحة والأمانات ولا يُسمح أو يصرّح لأي منتج بالدخول للبلد إلا بعد فسحه من هذه الهيئة، فالأمر جد خطير يجب عدم التساهل فيه خاصة أنه يتعلق بصحة الإنسان فكيف إذا كان بصحة الأطفال الأبرياء الذين لا ذنب لهم إلا أنهم ضحية استهتار مسؤول وجشع تاجر.

وحقيقة إني مستغرب أشد الاستغراب عن سر هذا الإهمال والاستهتار بصحة أطفالنا خاصة إذا علمنا إن أغلب هذه المنتجات التي يتم استيرادها من قبل أفراد كثير منهم من غير أبناء الوطن وللأسف بعضهم من أبناء الوطن وآباء لأطفال لكن يهمهم في المقام الأول الربح والأسوأ من ذلك إنهم حريصون أشد الحرص على استيراد ما قل ثمنه وكثر ضرره ويبحثون عن البضاعة الأقل من رديئة لرخصها وبيعها بأسعار مضاعفة، وقد أعذر بعضهم بجهلهم بخطورة هذه البضاعة لكني لا أجد عذرا للمسؤولين الذين سمحوا بدخول مثل هذه المنتجات.

ومن هنا أقول يا مسؤولون اتقوا الله في أطفالنا وأطفالكم فهل تعلمون خطورة مادة الرصاص على الإنسان البالغ فما بالك إذا كانوا أطفالا لا زالوا في طور النمو.

تفضلوا هذه سطور مقتضبة للتعرف على خطورة هذه المادة، إن كنتم لا تعلمون فتلك مصيبة وإن كنتم تعلمون فتلك مصيبة أعظم.

إن التسمم بمادة الرصاص يُحدث انخفاضاً في كمية الدم التي تصل إلى الدماغ بالمقارنة مع الجسم الذي تبدو فيه كمية الدم طبيعية وإن تعرض الأطفال للرصاص ولو بنسب بسيطة يسبب أضراراً دائمة وخصوصاً الأذى الدماغي الذي لا يمكن علاجه، والتشنجات والغيبوبة.

فهد بن محمد العوين
كاتب صحيفة اضواء الوطن