مشكلة كبيرة، ومعضلة مزمنة لا زالت قائمة في المجتمعات المتخلفة، والدول المتأخرة ، وهي تلك الإدارة الفاسدة في الأداء، الفاشلة في العطاء، التي أضاعت مهمتها، وضيعت مجتمعها؛ بسبب العقليات الضامرة التي تقودها، والقدرات الخاملة التي تتولى أمورها .
أعتقد أنك عانيت أثناء زياراتك للإدارات الحكومية؛ من إدارة متقاعسة فاسدة؛ خانت الأمانة ، وضيعت المسؤولية، حيث لم تجد فيها سوى الخطوات العسيرة، والإجراءات المعقدة، والأجواء المستفزة، والإنجازات المتواضعة، والوعود الكاذبة، فالأمور جميعها ضايعة، والأحوال برمتها ( خايسة ).
تذكّر معي؛ كم هي الإدارات التي تتأخر لديها إنجاز المعاملات، وتتجاهل في عملها قيمة الوقت لدى المراجع، خذ مثلاً تصريح بناء منزل في جدة ، الذي لا تستلمه إلا بعد مدة طويلة تقارب السنة ، كذلك خدمة إيصال التيار الكهربائي لا تجدها إلا بعد زمن طويل؛ يوازي المذكور سابقاً أو يزيد ، فلماذا هذا التأخير؛ وهم يملكون المؤهلات البشرية الكافية، والمقومات التقنية العالية؟!
ولعلّ من أهم مثالب الإدارة الخاملة ؛ أنها لا تهتم بالزائرين، ولا تعتني بالمراجعين، فلا مرشد فيها يدلهم على تيسير أمورهم، ولا مواقف تجدها لسياراتهم، ولا كراسي كافية لجلوسهم وانتظارهم، بل وأعظم من ذلك؛ لا تجد فيها استقبال بشوش، ولا منطق لطيف.... ، لا فعل عندهم سهل ولا قول، فليسعد النطق إن لم يسعد الحال.
فإن ابتليت بزيارتها، أو اضطررت إلى مراجعتها؛ فسوف ترى بعينيك استشراء النقص والقصور في جميع جوانبها، وانتشار العبث والتسيب في أوقات دوامها، وضخامة الجمود والبيروقراطية التي تسير عليها إجراءاتها.
كذلك سوف تشاهد فيها الموظف المتغطرس؛ الذي يظن عندما تراجعه أنك تطلب منه صدقة، أو مكرمة، وترى الحركة لديه قائمة وفق مزاجه، وحسب هواه، لكنها تزداد حيوية مع الرفيق المقرب، أو المرسول من صاحب، أو المراجع الذي لديه فائدة؛ يقبضها من تحت الطاولة.
فإلى من نشكو سوءات هذه الإدارة الميتة ؛ هل نرفع أمر تهاونها وتقاعسها، إلى مرجعها الأكثر تهاونا، والأشنع منها تفريطاً؟!
إن إداراتنا بحاجة إلى الالتزام بقيم الولاء والإخلاص والأمانة، ومهارات الحماس والعطاء والمثابرة، حتى يكون لها نحو التميز باباً، وإلى السمو ركاباً ؛ وهذا لن يتم إلا بالتدريب العالي، والتطوير الدائم، والمراقبة الدقيقة، والمحاسبة الصارمة؛ على كل صغيرة وكبيرة، وشاردة وواردة،( كما هو الحال في المؤسسات المميزة والشركات الراقية ).
[COLOR=#FF003E]د.عبدالله سافر الغامدي ـ جده.[/COLOR]