الإجراء الذي قررت أن تتخذه جمعية حماية المستهلك، ضد هيئة الاتصالات التي ما فتئت في قراراتها الجائرة ضد مصالح الناس، وهذا الإجراء الذي تعهدت به المستهلك هو اللجوء إلى القضاء لمحاكمة الهيئة على قيامها بتنفيذ قرار حِرمان الناس من خاصية التجوال الدولي المجاني، وبرغم أنني انتقدت الجمعية في عدد من المقالات والمقابلات، ونقدي جاء لتكاسلها في تفعيل هدف الحماية التي قامت من أجله، من جهة، ومن جهة ثانية قلة الدعم المادي والمعنوي الذي يُفترض أن يتلقاه هذا الشُريان الذي ينبض بمصلحة المواطن، إلا أن قراراها بمقاضاة الهيئة هو قرار أتى بالاتجاه الصحيح، ويستحق دعم الجميع لأنه يمس الجميع.
كنت قد تحدثت عن قضية إيقاف خاصية التجوال الدولي المجاني من عدة اتجاهات، ووقفت إلى جانب الآراء المؤيدة لهذا القرار -مع تقنينه- وذلك من ناحية الفوضى العارمة لشرائح الهواتف التي تقطن في مصر وإيران وغيرها دون حسيب ولا رقيب، وهذا أمر مرفوض لأنه يمس أمننا جميعًا، كما يضر بمصلحة شركات الاتصالات وهذه الخسارة لا نقبلها لهم، أما رفضي لهذا القرار فقد أتى من مبدأ المصلحة العامة، فهيئة الاتصالات إن كانت قد أخفقت في حماية التجوال الدولي من -الانفلات- فهذا ليس ذنب المواطن! إذ بالإمكان إصدار قرار أن يقنن استخدام خاصية التجوال الدولي المجاني للمواطن السعودي فقط، وهذا أمر لا يعيب ولا يدخل في سياق العنصرية، لأن كل دول العالم تخصص ميزات إضافية لمواطنيها، بينما لدينا وللأسف -بعض- الجهات آخر ما يهمها المواطن ومصلحته!
قضية التجوال الدولي المجاني ليست جديدة، بل هي ورقة تلوّح بها هيئة الاتصالات في وجوهنا مذ أكثر من عامين، وقد أجلت القرار لعلها تتمكن من محاصرة سلبيات التجوال الدولي المجاني، وعندما تكاسلت عن التفكير في إيجاد صيغة -محايدة- في مسألة التقنين، وجدت أنه من الأريح لها أن تغلق الباب بالكامل وتنام على وثير المقاعد بلا أي إزعاج!
إن هذا الحراك المدني الذي تسعى إليه جمعية حماية المستهلك، هو الاتجاه الصحيح الذي سيعيد لنا الأمل في تصحيح الأوضاع الخربوطية، لذا آمل من كل مواطنة ومواطن أن يقفوا إلى جانب قضيتنا جميعًا ضد هيئة الاتصالات، وأتمنى أن أرى أهل الحقوق والقانون وجمعية حقوق الإنسان التي كان لها وقفة مُشرفة في السابق ضد هيئة الاتصالات وقراراتها الارتجالية، وأن أرى الجميع في صف واحد مع هذه القضية، وتناسي كافة الاختلافات والخلافات الفكرية والمذهبية لضمان نجاح قضيتنا. كما أتمنى أن أرى في قاعة المحكمة عشرات المحاميين ممن تبرعوا بالمجان للترافع في هذه القضية ودعمها.
إن الإنسان السعودي قادر على إيقاف الظلم والجور والتخبط الذي تسير باتجاهه -بعض- القطاعات، وعلى رأسها هيئة الاتصالات الموقرة، ولا ننسى حملات المقاطعة الشعبية التي أوقفت جشع -بعض- التجار، التي كانت ببطولة وقيادة المواطن السعودي. فسكوتنا في تلك المرحلة التي جرى فيها تنفيذ القرار هو إقرار منا بأننا مجرد ناس ليس لديها سوى الكلام!
[COLOR=#FF002E]
سمر المقرن
كاتبة صحفية [/COLOR]