حسين عقيل
أعود بكم هنا لسابق الحديث عن الرضاعة الصناعية!
تلك الظاهرة التي راجت لدينا وتفاقمت بنسبة كبيرة ! .
وجاء هذا التفاقم بفعل من غلبت عليهم شقوتهم فساهموا من خلال نفوذهم في استمراء واستشراء تلك الظاهرة حين قدموها لمجتمعاتنا على أطباق الصحة الذهبية! لتخرج من عباءة المرافق الصحية أمهات شركات الحليب وهن متشحات بوقار ومصداقية المؤسسات الصحية الحكومية!،
ومن المؤكد أن تلك المرافق تحضى بثقة مرتاديها من المواطنين وأمهات الأطفال الرضع!
إلى الدرجة التي أصبح فيها الأمهات وأطفالهن غداة تلقي جرعات التطعيم على موعد مع المتاجرة والترويج العلني في المراكز الصحية!
تلك المرافق الصحية الخدمية التي تعتبر خط الأمان الصحي الأول للعائلات والاسر والمجتمعات!!
فكيف هو الحال إن كان أماننا الصحي ينتهك عند خطوط دفاعه الأولى ؟! وفي حجرات وممرات المرافق ! وعلى مرأى ومسمع كوادره الطبية والتمريضية والإدارية، وأمام العاملين في تلك المراكز؟!،
بل وبتأييد مباشر وصريح من (مافيا) المتسولين ؟!
فما حيلة الأم وطفلها إذن أمام هذا المكر وهذاالخبث ا(لتسويقي) سوى الإقتناع والأنصياع لرغبات المسوقين والمروجات لبدائل صناعية مغشوشة ولربما (فاسدة)! ما دامت المؤسسات الصحية الرسمية هي من تدعم هذا التوجه وتمهد سبل الترويج له بطاقتها الكاملة وبهويتها الصريحة لتقترن مع مصنعي تلك البدائل في تشكيل وجهين لعملة واحدة، فكانت المؤسسات الصحية احدهما وكانت الشركات المصنعة لبدائل حليب الأم هي وجه العملة الآخر!.
ولاشك أن حديثي قد أزعج ويزعج رواد الأثداء المندسة في جيوب وجلابيب الشركات ذوات الدسم المتنوع !
فللدسم كما تعلمون أحوال وضروب شتى!،
فمنه الكامل. والمنزوع ، وكذلك منه قليل الدسم!.
فالعبوات بمحتواها دائما
تكون منزوعة الدسم، وهناك من الدسم القليل وهذا لطلاء أكف الممارسين! ضمانا لجودة الترويج!. وأما كامل الدسم فذاك الأهم وهو ما تدهن به الشعور والسيور ، بمهرجانات الترفيه والقفز على حواجز النظام!.
ولأن الحديث مزعج،فقد حاول البعض التخفيف من حدته والتريث فيه ريثما تهدأ النار تحت قدوره ومراجله! .
ولو أن الحديث يا سادة من الأحاديث العادية التي بوسعنا القفز من فوق حواجزها لفعلت، ولما تذمر مني أحد!.. لكنه حديث سرقات وشركات! ، وحديث حليب وتعليب! ، حديث التجاوز والخيانة والتخريب! وقد رأيتم ما جسدته الصحة ممثلة في ثلة من متسوليها العاملين بمرافقها الصحية من صور (البر) الصناعي الملفت العجيب!..
وكيف أن حب الشركات ذات الأثداء الدسمة غلب على حب الوطن وابناء الوطن؟!..
وكيف مضى الأبناء البررة (صناعيا) في مسيرتهم سنوات طويلة دون اكتراث بكل الموانع والمحاذير!..
فأي قداسة هذه التي غلبت قداسة أطهرالثرى ؟!
ثرى الوطن الذي خلقنا فيه. ودرجنا في مرابعه، ونهنأ بخيره وننعم بأمانه، ونفديه بالغالي والنفيس، ونبذل كل شئ في سبيله ولانبالي.. فالمال فداه والاهلون من أجله، والروح نبذلها ذودا عن حماه..
وهكذا نموت كي يحيا الوطن؟!!
وهكذا في دهشة نتساءل وفي ذهول من حقنا أن نستنكر..!
إلا أن عصبة الرشاوى لا يستنكرون شيئا أبدا ، اللهم إلا إذا تأخرت رضعاتهم العينية أو مخصصاتهم النقدية، من عطايا المرضعات وهباتها الدورية!
فليس يشغل زمرة الشهوات سوى ان تحوز على رضعاتها كاملة (الكم والدسم)!،
وهذه هي الرضعة الأجدى لنمو المتسول وانتفاخ أوداج ثروته! .
نعم .. يا ايها السادة..
لاتزال ثلة الخيانة تتجاهل أن فعلها مشين! وأن جرمها كبير! وأنهم يجترئون على وطنهم، وأن أولئك المرتزقة من الوافدين سواءا من الشركات أو ممن يعملون في الصحة لم يراعوا قوانين وٱأحكام هذا الوطن ،ولم يحفظوا الجميل، ودفعوا بالكثير من ابناء هذا الوطن الى مشاركتهم أفعالهم بالإهداء والأغراء، وامتهنوا المتاجرة في كل المبادئ والقيم واتخاذ الأطفال الرضع من ابناائنا جسورا يعبرون عليها إلى أوحال مطامعهم الأكثر من دنيئة والأحقر من كل حقارة عرفها البشر!
ولم تكن القيم الإنسانية والمبادئ الفاضلة يوما ما ضمن حسابات التجارة والمتاجرة فكيف بمن تجاوز إلى أبعد من ذلك، وانحدر ليتاجر في (البراءة) وصحة البشر! .
ومع أن الخائن مكشوف ، والمتطاول الدنئ مفضوح، ومن استخف بلوائح وأنظمة الوطن معلوم، إلا أن الأمر لم يحرك غيرة المسؤولين في أجهزة وزارة الصحة ولا في خارجها سواءا كانت اجهزة رقابية أو مدنية!.
ولا زال البرود يلطف الحرارة ، ويرقق حدة الغضب!.
وهناك من يستسقي رب السماء لينزل الغيث ، فتنطفئ كل نيران أحرار الوطن! ، ليتنفس حينها الراضعون والمرضعات الصعداء، ويدفنون مسرحية الخيانة بكل فصولها وأبطالها ، وبكل لؤمها تحت الثرى!
واي ترى غير الذي خانوه وباعوه بابخس الاثمان؟! وواروا كل سؤاتهم في بأطنه وتحت ركامه وكثيبه!
ولو سنحت لهم الفرصة وتركوا بلا محاسبة فسيفعلون ذلك دون تردد ولاخجل!
ومازال الخائنون مطلقي السراح!، مكفولي الحرية! يسرحون ويمرحون ، باريحية وبكامل الانفلات!.
وهنا يحضر سؤال يجب أن يجيب عليه المسؤلون في الصحة وفي سواها من الجهات المعنية، التي يحتم عليها الواجب والمسؤولية أن تتخذ موقفا حاسما، وإجراءا رادعا ،لكل المارقين مهما علت مكانتهم إذ لا أحد يعلو فوق الوطن وأمن وصحة ابنائه الكرام.
وسؤالي بفقراته في ابسط الصور :
من منح الخائن الحصانة؟! وما الذي يسكت المسؤولين حتى هذه الساعة؟
وما الذي اطمأن له الطرفان المسؤول العازف ، والخائن المخالف؟!
وما الذي يحول دون كف آيدي المتهمين والمرتشين عن العمل؟
وأين غابت المحاسبة وأين هم من الأنظمة وما سنته الدولة من اللوائح والاحكام؟!
ومن هو الجرئ الذي (جدد) عقود الوافدين المتهمين؟ وإلى أين نحن ذاهبون يا أهل الحل والعقد، يا حماة العدالة و النظام؟!
فها هنا متورطون.. وحائنون، يجاهرون باستغلال مناصبهم في الإضراربالمواطنين والوطن.
وكم مضى من السنين وتلكم الاثداء تهجع في المراكز لترضع اللئام ؟! من فقدوا في المهد روح الوطنية ،وماتت في نفوسهم مشاعر الإنتماء!
وأصبحت مرافقنا الصحية بفعل هؤلاء، مأوى للهاربين من الضياء، ومرتعا تحلو في جوانبه الخيانة..
وهاهي ما فتئت عيون الحلمات تذرف الدموع في الجيوب ب"الريال" !.
[COLOR=#ff0f00]حسين عقيل [/COLOR]